قرار واشنطن بتغيير تصنيف بعثة سوريا في الأمم المتحدة يثير ردود فعل دولية واسعة

أثار قرار الولايات المتحدة الامريكية تغيير واشنطن لوضع بعثة سوريا في الأمم المتحدة من “جي 1” إلى فئة “جي 3” اهتماما كبيرا على المستوى الدولي . وفقًا لتقرير رويترز
تضمنت المذكرة التي سلمتها واشنطن للبعثة السورية لدى الأمم المتحدة، إلغاء التأشيرات الممنوحة لأعضاء البعثة من فئة “جي-1″، المخصصة للدبلوماسيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة والمعترف بحكوماتهم في البلد المضيف، إلى فئة “جي-3″، التي تُمنح للمواطنين الأجانب المؤهّلين أمميًا للحصول على سمة، من دون أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية معترفة بحكوماتهم.
وبحسب تصريحات مصدر سوري من واشنطن أن “قرار الإدارة الأميركية هو جزء من تحرك أمني لمراجعة جميع التأشيرات للدول التي بها حروب وإرهاب”.
كيف بدأت الأزمة السورية
بدأت الأزمة السورية في عام 2011، عندما اندلعت احتجاجات شعبية في مدن سورية مختلفة تطالب بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.
وقد تطورت هذه الاحتجاجات تدريجياً لتتحول إلى صراع مسلح بعد قمع الحكومة لهذه المظاهرات بالقوة.
كما بدأ كحركة سلمية تطالب بالحقوق الأساسية تطور بسرعة إلى نزاع مسلح طويل الأمد، نتيجة للمواجهة بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، وأدى إلى تدخلات خارجية من دول عديدة.
الأزمة السورية وأثرها على عضوية سوريا في الأمم المتحدة
منذ بداية الأزمة السورية، ظل النظام السوري عضوًا في الأمم المتحدة، ولم تُعلق عضويتها.
ورغم أن الحرب في سوريا قد خلّفت تأثيرات كارثية على الشعب السوري من حيث القتلى واللاجئين والدمار، إلا أن سوريا حافظت على تمثيلها في الأمم المتحدة.
ومع ذلك، كانت هناك تأثيرات كبيرة على العلاقة بين الحكومة السورية وبقية الدول الأعضاء في المنظمة
ومع تصاعد العنف في سوريا، انقسم المجتمع الدولي حول كيفية التعامل مع الأزمة.
بينما دعمت بعض الدول الغربية والدول العربية المعارضة السورية، تدخّلت دول أخرى مثل روسيا وإيران لصالح الحكومة السورية.
في الوقت نفسه فشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراءات حاسمة حيال الوضع في سوريا بسبب استخدام بعض الدول الأعضاء، مثل روسيا والصين، حق النقض (الفيتو) في عدة مرات ضد قرارات قد تفرض عقوبات أو تدخلاً عسكريًا ضد النظام السوري.
ورغم محاولات الأمم المتحدة إرسال بعثات مراقبة ومؤتمرات سلام (مثل محادثات جنيف)، إلا أن الصراع استمر بلا توقف، وظهر العالم الدولي غير قادر على إيجاد حل حاسم للصراع السوري، مما أدى إلى مزيد من الانقسامات داخل الأمم المتحدة نفسها.
التدخلات الخارجية في سوريا والأمم المتحدة
على الرغم من أن سوريا حافظت على عضويتها في الأمم المتحدة، إلا أن تدخلات الدول الأجنبية في الشأن السوري كانت أحد العوامل التي فاقمت الأزمة. فقد تدخلت العديد من الدول في الصراع، روسيا كانت أحد الحلفاء الرئيسيين للنظام السوري، حيث قدمت دعماً عسكريًا وتقنيًا وديبلوماسيًا له، في حين أرسلت إيران قوات عسكرية إلى سوريا لدعم النظام.
في المقابل، دعمت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية الدول المعارضة للنظام السوري. كما قدمت العديد من الدول العربية الدعم للفصائل المعارضة.
مفاوضات الأمم المتحدة ومحاولات حل الأزمة
أدت جهود الأمم المتحدة إلى عدة محاولات لإنهاء الأزمة من خلال التفاوض، إلا أن جميع هذه المحاولات لم تنجح في وقف الصراع بشكل دائم. من أبرز هذه الجهود:
مفاوضات جنيف حيث كانت الأمم المتحدة قد أطلقت مفاوضات جنيف التي بدأت في 2014، بهدف إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة بسبب تعقيدات الوضع الميداني والانقسامات السياسية بين الأطراف المتنازعة.
ايضا محاولات الأمم المتحدة لوضع آليات للهدنة أو وقف إطلاق النار في بعض المناطق كانت تنتهي بانهيار الهدنات في ظل تصاعد القتال بين الأطراف.
تأثير الأزمة السورية على اللاجئين والهجرة
أدى النزاع السوري إلى أكبر أزمة لاجئين في العصر الحديث، حيث فرّ ملايين السوريين إلى الدول المجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن، بالإضافة إلى دول أوروبا. وقد تعاملت الأمم المتحدة مع هذه الأزمة من خلال المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) التي قدمت الدعم للاجئين السوريين.
تسببت هذه الأزمة في ضغوط كبيرة على الدول المضيفة، وأصبحت قضية اللاجئين السوريين أحد أبرز القضايا الإنسانية التي تناولتها الأمم المتحدة في تقاريرها.
شروط شرعية الحكومات لتمثيل بلادها في الامم المتحدة
الأمم المتحدة لا تضع قائمة رسمية أو صارمة من “الشروط” التي يجب أن تفي بها الحكومة حتى تُعتبر شرعية، لكنها تعتمد على مجموعة من المعايير والممارسات المعترف بها دوليًا. ومع ذلك، هناك بعض النقاط الأساسية التي تؤخذ بعين الاعتبار عند الاعتراف بحكومة ما كممثلة شرعية لدولة معينة داخل الأمم المتحدة:
السيطرة الفعلية على الأرض
يجب أن تكون الحكومة قادرة على ممارسة سلطتها على إقليم الدولة بشكل فعلي، بما في ذلك السيطرة على مؤسسات الدولة.
التمثيل الشعبي (الشرعية الداخلية)
يُفضّل أن تكون الحكومة قد وصلت إلى السلطة من خلال وسائل دستورية أو ديمقراطية، مثل الانتخابات أو الاتفاقيات السياسية، لكن هذا ليس شرطًا صارمًا.
الاعتراف الدولي
اعتراف الدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة، وخاصة الدول الكبرى، يلعب دورًا مهمًا. فاعتراف أغلبية الدول بحكومة ما يعزز شرعيتها.
موافقة الجمعية العامة أو مجلس الأمن (في بعض الحالات)
في الحالات التي يكون فيها نزاع على من يمثل دولة معينة (مثل وجود حكومتين متنافستين)، قد يُعرض الأمر على الجمعية العامة أو مجلس الأمن للفصل في مسألة التمثيل.
الالتزام بميثاق الأمم المتحدة
يُشترط أن تلتزم الحكومة بميثاق الأمم المتحدة ومبادئه الأساسية، مثل احترام حقوق الإنسان وحسن الجوار.
عدم فرض العقوبات أو الحظر
إذا فُرض على حكومة معينة حظر دولي أو عُزلت بموجب قرارات من مجلس الأمن، فإن ذلك قد يؤثر على شرعيتها وحقها في التمثيل.
هل هناك دول أخرى تم رفضها من قبل الأمم المتحدة
هناك بعض الحكومات التي رفضت الأمم المتحدة انضمامها، أو تم رفض انضمامها لأسباب سياسية أو دبلوماسية. من أبرز الحالات:
تايوان (جمهورية الصين)
كانت تايوان عضوًا في الأمم المتحدة حتى عام 1971، ولكن بعد أن تم الاعتراف بالصين الشعبية (جمهورية الصين الشعبية) كالممثل الشرعي الوحيد للصين في الأمم المتحدة، تم استبعاد تايوان من المنظمة.
الصين الشعبية تعتبر تايوان جزءًا من أراضيها، مما يجعل انضمام تايوان للأمم المتحدة مستحيلاً في ظل معارضة الصين.
كوسوفو
كوسوفو أعلنت استقلالها عن صربيا في 2008، لكنها لم تنجح في الحصول على عضوية في الأمم المتحدة بسبب معارضة بعض الدول الكبرى، مثل روسيا والصين، التي تدعم موقف صربيا.
فاتيكان (دولة مدينة الفاتيكان)
الفاتيكان لا تسعى إلى الانضمام للأمم المتحدة كدولة عضو بسبب وضعها كدولة دينية ذات سيادة مستقلة (الفاتيكان يعتبر مركزًا دينيًا للمسيحيين الكاثوليك). ومع ذلك، الفاتيكان هو عضو مراقب في الأمم المتحدة منذ عام 1964.
السودان الجنوبي في مراحل معينة
بعد استقلال السودان الجنوبي في 2011، كان في البداية يواجه بعض التحديات الدبلوماسية بسبب النزاع الداخلي مع الشمال، لكنه في النهاية أصبح عضوًا في الأمم المتحدة في نفس العام.
مستقبل سوريا في ظل أزمة الامم المتحدة وقرارات واشنطن الاخيرة
يُمكن اعتبار ذلك إعلاناً ضمنياً بأن واشنطن لن تتورّط في إعادة إنتاج شرعية لأنظمة أو سلطات جديدة تُعيد شكل الاستبداد أو العسكرة أو الإقصاء تحت لافتات دينية، خصوصاً في ظل تصاعد المراجعة الداخلية لسياستها في الشرق الأوسط.
ثانيا وهو الأهمّ أن هذه الخطوة تفتح الباب لمقاربات متعددة الجنسيات حول مسألة تمثيل سوريا دولياً، وقد تدفع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما إلى إعادة النظر في مدى التعامل الرسمي مع مؤسسات السلطة الجديدة، إذا لم تتقدّم نحو صيغة أكثر مدنية وتمثيلاً وطنياً شاملاً.