ترامب يتراجع: لا نية لإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول
الأسواق تنتعش والدولار يصعد بعد تهدئة الرئيس الأميركي لموقفه تجاه المركزي

في تحول لافت، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه “لا ينوي” إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جاي باول، بعد أسابيع من التصريحات الهجومية التي أثارت قلق الأسواق العالمية بشأن استقلالية البنك المركزي. تصريح ترامب الذي أدلى به من المكتب البيضاوي، انعكس سريعًا على الأسواق، حيث شهدت مؤشرات الأسهم العالمية والدولار الأميركي ارتفاعًا ملحوظًا، في وقت أبدى فيه المستثمرون ارتياحهم لبوادر استقرار في العلاقة بين البيت الأبيض والمؤسسة النقدية الأبرز في البلاد.
ورغم نبرته التصالحية، لم يتخلَ ترامب عن انتقاداته لسياسة الفائدة التي ينتهجها الاحتياطي الفيدرالي، مجددًا دعوته لخفض تكاليف الاقتراض، إلا أنه أوضح: “لا أريد الخوض في هذا الآن، لأني لا أنوي إقالته”.
الأسواق تلتقط أنفاسها
ردود الفعل جاءت سريعة في الأسواق الآسيوية، حيث قفز مؤشر توبكس الياباني بنسبة 1.7%، وسجل مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ مكاسب بـ2.4%، بينما ارتفع المؤشر المرجعي في تايوان بنسبة 4.3%. أما على الصعيد الأميركي، فقد ارتفعت العقود الآجلة لمؤشري S&P 500 وناسداك، فيما حقق مؤشر الدولار الأميركي مكاسب بنسبة 0.3%، مواصلًا تعافيه من أدنى مستوياته في ثلاث سنوات.
وفي أسواق السندات، شهدت عوائد سندات الخزانة الأميركية تراجعًا، حيث انخفض العائد على السندات لأجل 10 سنوات بـ0.06 نقطة مئوية، ليصل إلى 4.34%، بينما تراجع العائد على سندات الثلاثين عامًا بـ0.08 نقطة مئوية إلى 4.79%، مع الإشارة إلى أن العائدات تتحرك عكسيًا مع الأسعار.
فريق ترامب يُعيد التوازن
المراقبون اعتبروا أن تصريحات ترامب تعكس تراجعًا مدروسًا، على الأرجح بضغط من بعض المقربين في دائرته الاقتصادية، الذين يدركون أهمية الحفاظ على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي. وأشار ديك مولاركي، المدير التنفيذي في شركة SLC Management، إلى أن هذه التهدئة “تعكس وجود ضوابط داخلية تحيط بالرئيس”، مضيفًا: “يبدو أن للأمر بصمات وزير الخزانة سكوت بيسنت، الذي يدرك أهمية استقرار الأسواق”.
ضغوط متصاعدة قبل التراجع
التوترات بين ترامب وباول ليست جديدة، لكنها تصاعدت مؤخرًا بعد أن وصف ترامب رئيس الاحتياطي الفيدرالي بـ”السيد متأخر دائمًا” عبر منصته “تروث سوشيال”، مما تسبب في هبوط الدولار والمؤشرات الأميركية يوم الإثنين. وازدادت التكهنات بشأن إمكانية إقالة باول بعد تصريح من كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، قال فيه إن ترامب “ما زال يدرس الأمر”.
في المقابل، ظل باول متمسكًا بموقفه، مؤكدًا عزمه استكمال ولايته حتى مايو 2026، ومشيرًا إلى أن أي محاولة لإقالته قد لا تكون قانونية.
الصراع الأكبر: السياسات التجارية والفائدة
الصدام بين البيت الأبيض والاحتياطي الفيدرالي يتجاوز مسألة الفائدة، إذ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسياسات التجارية التي ينتهجها ترامب، خاصة ما يتعلق بالتعريفات الجمركية “المتبادلة” التي أطلقها مطلع أبريل. ويخشى مسؤولو البنك المركزي من أن تؤدي هذه السياسات إلى تباطؤ اقتصادي وارتفاع في معدلات التضخم، ما يصعّب من مهمة خفض الفائدة.
وأكد باول وزملاؤه أنهم لن يُقدموا على أي خفض في أسعار الفائدة ما لم يتأكدوا من أن التوجهات الحمائية للرئيس لن تؤدي إلى تضخم طويل الأمد، مؤكدين أن الاقتصاد الأميركي لا يزال متينًا، لكن هشاشة التوقعات تحتم التريث.