عربي وعالمي

ترامب بين الطاقة المنفلتة وانعدام الضمير: دروس في السياسة والأخلاق.

تحليل لمظاهر القوة المصطنعة وانعكاساتها على الديمقراطية والمؤسسات الأمريكية.

في مقالته الأخيرة، يغرق ديفيد بروكس مجددًا في المبالغة الذهنية، إذ يمدح “طاقة” الرئيس ترامب، ويقارنه ضمنًا بكبار المفكرين العسكريين مثل صن تزو وكارل فون كلاوزفيتز. غير أن سلوك ترامب خلال أول مئة يوم من ولايته أقرب إلى ممارسات لاعبي ألعاب الفيديو العنيفة، حيث لا وجود للمنطقة الرمادية، بل فقط إطلاق نار سريع بلا تردد.

ما يفتقر إليه ترامب، وهو الضمير، هو بالضبط ما يجعله قادرًا على شن هجماته المستمرة على خصومه دون تراجع. فنحن نتردد لأننا نعي العواقب، ونرفض تقويض القضاء، أو تعزيز الاستبداد، أو تعريض الاقتصاد العالمي للخطر. ما يقدمه ترامب ليس “حيوية مذهلة” كما يدّعي بروكس، بل انعدام تام للقيم الأخلاقية.

 مسرح سياسي خلف واجهة السلطة

تحليل ديفيد بروكس لحالة إدارة ترامب يغفل نقطة جوهرية: القوة التي يظهرها الرئيس ليست ذاتية، بل نتيجة شبكة من المساعدين والمروجين الأيديولوجيين الذين يمدّونه بالعبارات الجاهزة لتبرير قراراته. بينما ينشغل ترامب بالانتقام وتلميع صورته، يُصدر محيطه الأوامر التنفيذية بلا توقف، محوّلين البيت الأبيض إلى مسرح سياسي درامي، لكنه يفتقر للحكم الرشيد.

 الهدم مهمة سهلة

 

كما أشار بروكس، فإن ترامب يملك دافعًا تدميريًا قويًا، لكن التخريب – تاريخيًا وعمليًا – دائمًا أسهل من البناء. ما سمح باندلاع هذه الفوضى الممنهجة لم يكن شخصيته فقط، بل أيضًا مشاريع كـ”DOGE wrecking crew” ومخططات مثل “Project 2025” التي تم إعدادها سلفًا لتفكيك الدولة عبر إلغاء الأنظمة الأساسية

 تفكيك الحماية التنظيمية

في تقريرها بتاريخ 17 أبريل، تكشف الصحافية كورال دافنبورت عن سعي إدارة ترامب لتفكيك الضوابط التي تحمي صحة وسلامة المواطنين. تُطلق على هذه الحملة تسمية “قائمة القتل”، وهي وصف دقيق لما يجري: هجوم منهجي على قوانين العمل، البيئة، والحقوق المدنية، مع السعي لتجاوز آليات الرقابة والمساءلة الديمقراطية، ما يفتح الباب أمام تغوّل الشركات.

 الديمقراطيون ومهمة بناء المستقبل

 

أشارت إلين كامارك إلى ضرورة خوض الديمقراطيين معركة فكرية داخلية لرسم ملامح الحزب. هذه المعركة تحتاج إلى منصة فكرية تجمع التنوع الديمقراطي، ويمكن تسميتها “مشروع 2029” – رمزًا لبداية مسار جديد لإحياء الديمقراطية الحقيقية مع نهاية العقد.

 نداء للضمير الوطني

في مقاله “لا تخف”، يُذكّر الجنرال ستانلي مكريستال بالمبادئ التي تأسست عليها الولايات المتحدة. نداؤه ينبع من إيمان حقيقي بالوطنية، لكن للأسف لا يجد دائمًا من يصغي إليه. رسالته تؤكد أن القيم الوطنية لا يجب أن تنهار أمام التحديات السياسية.

شجاعة تسمية المسؤول

رغم قوة مقال مكريستال، إلا أنه فشل في تسمية المسؤول عن نشر الخوف: دونالد ترامب. التلميحات العامة لا تكفي، والموقف الأخلاقي يتطلب تسمية الأمور بأسمائها، خاصة في ظل وضوح التهديد.

 تأملات في الشيخوخة والامتنان

مقال روجر روزنبلات “كيف تكون سعيدًا في الـ85” كان دعوة للتأمل. ومع اقترابي من الخمسين، شعرت بالامتنان أكثر من القلق. قوله “لا أحد يفكر بك حقًا” منحني شعورًا بالحرية للتركيز على اللطف والحضور والفرح.

حكمة من على أعتاب المئة

اتفق تمامًا مع نصائح روجر روزنبلات، لكن لدي إضافة صغيرة:

اعتنِ بساقيك. فطالما كنت قادرًا على الحركة، كل شيء آخر يصبح ممكنًا وأسهل.

 

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى