عربي وعالمي

نهاية محادثة استمرت ثماني سنوات بين رؤيتين سياسيتين متباينتين ومحترمتين.

حوار أسبوعي جمع بين الاختلاف الأيديولوجي وروح الاحترام والمتعة الفكرية.

في ختام رحلة استمرت لثماني سنوات، يودع الكاتبان غايل كولينز وبريت ستيفنز زاويتهما الحوارية الأسبوعية “المحادثة”، التي جمعت بين رؤيتين سياسيتين مختلفتين. من صحيفة وول ستريت جورنال إلى نيويورك تايمز، ومن دونالد ترامب إلى جو بايدن، تعددت المواضيع، لكن ساد الاحترام وروح الدعابة، ما منح النقاش طابعًا فريدًا ومميزًا.

بداية حوار غير متوقعة

يعود ستيفنز إلى لقائه الأول مع كولينز عام 2017 بعد انضمامه المفاجئ إلى نيويورك تايمز. عرضت عليه الشراكة في كتابة “المحادثة”، ليبدأ حوار أسبوعي مستمر دام سنوات ونشر قرابة 300 مقال. ورغم غرابة الفكرة في البداية، أصبحت جزءًا محببًا من حياتهما، إذ تقول كولينز إنها كانت تستمتع بوقته، فيما أشار ستيفنز إلى تفاعل القراء، معتبرًا أن ترامب، رغم كل شيء، شكّل مادة دسمة لهما.

ترامب والاضطراب المستمر

حتى في حوار الوداع، لم يغب دونالد ترامب عن النقاش. انتقد ستيفنز إدارة وزير الدفاع بيت هيغسث، معتبرًا أن الفوضى داخل البنتاغون تعكس نهج ترامب في تدمير المؤسسات بتعيينات عشوائية. أما كولينز، فلم تفوّت فرصة السخرية من سلوك ترامب، مشيرة إلى جذوره كنجم تلفزيوني سابق.

بايدن… زعيم إصلاحي أم مرحلة انتقالية؟

رغم الاتفاق حول ترامب، بقي جو بايدن موضع اختلاف. ترى كولينز أنه قدم إنجازات مهمة في التعليم والبيئة والضرائب، بينما يرى ستيفنز أن إنجازه الأكبر كان تمهيد الطريق لعودة ترامب، متسائلًا عن هويته: هل هو قائد إصلاحي، أم مجرد إداري تقليدي لا يحمل جديدًا؟

الضرائب والعدالة الاجتماعية… سجالات لا تنتهي

لم تغب القضايا الاقتصادية عن “المحادثة”، وعلى رأسها الضرائب. كانت كولينز تثير هذا الملف كلما شعرت بأنهما يتفقان أكثر من اللازم. تؤمن بضرورة مساهمة الأغنياء في دعم الفقراء، في حين يفضل ستيفنز تمكين الفقراء عبر فرص العمل لا عبر البيروقراطية. ومع أن النقاش كان حادًا أحيانًا، فإنه لم يخلُ من الطرافة، حتى أن ستيفنز روى كيف أن نقاشاتهما كانت تُبقي والده مستيقظًا أثناء القيادة!

المركبات الكهربائية… وجهتا نظر بيئية متناقضة

في قضية المركبات الكهربائية، دعمت كولينز التوسع في البنية التحتية واعتبرتها جزءًا من المستقبل، بينما حذّر ستيفنز من الأثر البيئي لاستخراج مكونات البطاريات، معتبرًا الترويج لها امتدادًا لوعود تبدو براقة لكنها غير واقعية.

تفاؤل ليبرالي وتشاؤم محافظ

شاركت كولينز لحظة شخصية حين استمعت لأول مرة إلى خطاب باراك أوباما، حيث شعرت بالأمل والطاقة المستقبلية. وأكدت أن أمريكا تحتاج من يعيد إشعال هذا الأمل. على النقيض، عبّر ستيفنز عن حذره من الوعود الكبيرة، مؤمنًا بأن التغيير لن يأتي من واشنطن، بل من خارجها.

وداع بلا مرارة، ونهاية بمحبة

اختتم الكاتبان سلسلة “المحادثة” برسائل امتنان للقراء والمحررين، مسترجعين لحظات مرحة، مثل لقاء ستيفنز بأحد المعجبين الذي عبر له عن حبّه لكولينز. أكدا أن ما ميّز هذا المشروع هو تفاعل الجمهور مع آرائهما المتباينة.

رسالة الختام: احترام وسط الاختلاف

تكشف “المحادثة” أن النقاش السياسي يمكن أن يكون صادقًا، حيويًا، ومحترمًا، حتى بين من يختلفون جذريًا. في زمن الانقسام، تبقى الكلمة الهادئة والفكر المحترم جسراً ممكنًا بين المتضادين… ولو مرة في الأسبوع.

 

 

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى