غرامة أوروبية تاريخية على "تيك توك" بسبب انتهاك حماية بيانات المستخدمين الأوروبيين
"تيك توك" تواجه تدقيقًا صارمًا بسبب نقل بيانات المستخدمين إلى الصين

فرضت هيئة حماية البيانات الأيرلندية (DPC) غرامة ضخمة بقيمة 530 مليون يورو على منصة “تيك توك”، وذلك بسبب إخفاقها في حماية بيانات المستخدمين الأوروبيين من احتمالية الوصول إليها من قبل السلطات الصينية. ويُعد هذا خرقًا واضحًا للائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) الخاصة بالاتحاد الأوروبي.
نقص في الامتثال وتقديم معلومات غير دقيقة
أشارت هيئة DPC إلى أن “تيك توك”، بصفتها خاضعة لرقابة الهيئة في المنطقة الاقتصادية الأوروبية، لم توفر ضمانات كافية لعدم وصول السلطات الصينية إلى البيانات، خاصةً في ظل القوانين الصينية الخاصة بمكافحة الإرهاب والتجسس، التي تختلف جذريًا عن المعايير الأوروبية. وأكد التقرير أن الشركة لم تستطع إثبات أو ضمان أن البيانات المنقولة إلى الصين تخضع لنفس مستوى الحماية الموجود داخل الاتحاد الأوروبي، وكُشف أن موظفين في الصين تمكنوا من الوصول عن بُعد إلى تلك البيانات.
تضارب في تصريحات “تيك توك”
ذكرت “تيك توك” في بداية التحقيق أنها لا تخزّن بيانات المستخدمين الأوروبيين في الصين، لكنها عادت لاحقًا في أبريل وأقرت بوجود تخزين محدود. هذا التناقض دفع الهيئة الأيرلندية إلى اعتبار تصريحات الشركة السابقة “مضلّلة”، مشيرة إلى احتمال اتخاذ إجراءات قانونية إضافية.
مخاوف أوروبية وأمريكية من النفوذ الصيني
تواجه “تيك توك”، المملوكة لشركة ByteDance الصينية، تدقيقًا شديدًا في أوروبا والولايات المتحدة، إذ يُخشى من استغلال القوانين الصينية – مثل قانون الاستخبارات الوطني لعام 2017 – في تمكين الحكومة الصينية من الوصول إلى البيانات بدعوى الأمن القومي. وعلى الرغم من أن الشركة تنفي تلقي أي طلب رسمي من بكين، إلا أن عجزها عن إثبات الحماية الكافية تسبب في فرض العقوبة.
رد الشركة ومشروع تعزيز الأمان
في تعليقها على القرار، أعلنت “تيك توك” أنها ستطعن فيه قانونيًا، مؤكدة أنها لم تشارك أي بيانات مع السلطات الصينية. كما أشارت إلى مشروع أمني جديد باسم “Project Clover”، أطلقته في مارس 2023، يهدف إلى تعزيز حماية البيانات في أوروبا باستخدام تقنيات وخوادم محلية.
نتائج التحقيق: تحديث متأخر في سياسة الخصوصية
خلص التحقيق، الذي شمل الفترة من سبتمبر 2021 حتى مايو 2023، إلى أن سياسة الخصوصية في عام 2021 لم تتضمن أي إشارة إلى احتمالية وصول البيانات من الصين. كما أن التعديلات التي أجرتها الشركة في عام 2022 جاءت بعد فوات الأوان.
تزايد الضغوط السياسية على “تيك توك”
يأتي قرار الغرامة وسط أجواء من التوتر السياسي والضغط المتزايد على المنصة من كلا الجانبين الأوروبي والأميركي. وتُعتبر “تيك توك” هدفًا للشكوك بسبب علاقتها بالحكومة الصينية، خصوصًا في ما يتعلق باستخدام البيانات وتحليلها، وقد هدّد الكونغرس الأميركي بحظر التطبيق ما لم يتم فصله عن مالكيه الصينيين.
رسالة صارمة من أوروبا: لا تهاون في حماية البيانات
يعكس هذا القرار من DPC توجّه الاتحاد الأوروبي إلى عدم التساهل مع أي جهة تنتهك قواعد حماية البيانات، مهما كانت شهرتها. ويُرسل القرار رسالة واضحة بأن نقل البيانات إلى دول ذات أنظمة رقابيةمشددة دون توفير الحماية الكافية لن يكون مقبولًا.