هل حان الوقت لإلغاء نظام المحلفين لإنقاذ العدالة البريطانية من الانهيار؟
التأجيلات المستمرة والمشاكل المؤسسية: هل يعوق نظام المحلفين العدالة البريطانية؟

يبدو أن النظام القضائي في إنجلترا وويلز ما زال يعاني من آثار الزمن الوسيط، حيث أصبحت تأجيلات المحاكمات أمراً شائعاً. قاعات المحاكم تتحول إلى مشاهد بيروقراطية لا تتسم بالكفاءة، والنظام القضائي يعاني من تخلف مؤسسي. رغم شعبية نظام المحلفين، لا يوجد دليل حاسم يثبت أنهم أكثر عدالة من القضاة في أوروبا أو حتى في المحاكم البريطانية التي لا تستخدمهم.
نظام منهك ومحاكمات مؤجلة حتى 2028
اعتبارًا من سبتمبر 2024، سجلت إنجلترا وويلز رقمًا قياسيًا بلغ 73 ألف قضية جنائية قيد الانتظار، ما يشبه غرف الطوارئ المكتظة. على سبيل المثال، تم تأجيل محاكمة رجل متهم بالتهديد بالقتل باستخدام سكين حتى عام 2028. كما كشفت مؤسسة “رايب كرايسس” في 2023 عن أن الناجيات من الاغتصاب ينتظرن بمتوسط 787 يومًا حتى انتهاء قضاياهن، وهو أمر يزداد سوءًا مع مرور الوقت.
نتائج كارثية: جرائم بلا عقوبة وضحايا بلا إنصاف
التأخير المستمر في العدالة يؤدي إلى نتائج كارثية. حيث تضاعف عدد الضحايا الذين يسحبون شكاواهم في السنوات الأخيرة، مما يجعل الجرائم مثل الاغتصاب بلا عقاب فعلي. كما أن 20% من السجناء في إنجلترا وويلز لم يتم محاكمتهم بعد، وبعضهم ينتظر لأكثر من ستة أشهر، ما يعكس انهياراً كاملاً لمبدأ المحاكمة العادلة.
المقترح الصعب: إلغاء هيئة المحلفين
في محاولة لإصلاح الوضع، طلبت الحكومة من القاضي المتقاعد بريان ليفيسون تقديم توصيات. يُتوقع أن يقترح تقليص أو إلغاء دور المحلفين، خصوصًا أن المحاكمات التي تتضمن هيئة محلفين تمثل أقل من 1% من القضايا الجنائية لكنها تعد الأكثر تكلفة وتعطلاً. تجربته الشخصية في هذا النظام كانت “هدراً للوقت والمال”.
النموذج الأميركي: تأثيرات سلبية على العدالة
الولايات المتحدة، التي تتمسك بنظام المحلفين كإرث استعماري، تواجه مشاكل تحيزات عنصرية وأحكام قاسية، كما أن 98% من القضايا الجنائية تُحل خارج المحكمة. هذا يعكس تحول العدالة إلى أمر سري يُدار في الكواليس، وهو اتجاه يشكل تهديدًا على الحريات.
محاكم العصر الحديث: العلم بدلاً من الانطباعات
اليوم، تعتمد المحاكم بشكل متزايد على الأدلة العلمية في قضايا مثل الاحتيال. يظل إسناد القضايا إلى 12 شخصًا غير مختصين أمرًا غير منطقي. وحتى في حال وجود حكم من المحلفين، يمكن للقاضي تجاوزه. تجربة وثائقية أظهرت كيف أن هيئتي محلفين قررتا في قضية واحدة حكمين مختلفين، مما يعكس ضعف العدالة في النظام الحالي.
الدفاع عن النظام: مقاومة التغيير من داخل النظام
الدفاع عن هيئة المحلفين يأتي بشكل رئيسي من المحامين، الذين غالبًا ما يكونون نوابًا في البرلمان. هؤلاء يرفضون التغيير، كما يرفضه آخرون من الطبقة المتوسطة الذين يرون في المحلفين تجربة اجتماعية “مفيدة”. ولكن، لماذا يجب أن يظل هذا النظام حجر الزاوية في العدالة، بينما لا يُتبع في مجالات أخرى مثل الجراحة أو الهندسة؟
ليفيسون مجددًا: هل يجرؤ على التغيير؟
لقد حاول ليفيسون إصلاح الصحافة، والآن إذا قرر إصلاح نظام العدالة، فإنه سيواجه مقاومة شديدة من زملائه. لكن مع انهيار النظام القضائي ووجود ضغط لتقليص الإنفاق، قد تكون هذه فرصته الذهبية لتحقيق التغيير.