الاقتصاد

ترامب يعلن عن اتفاق تجاري مع بريطانيا: بداية جديدة لشراكة اقتصادية قديمة

خطوة تُعتبر انتصارًا دبلوماسيًا لكلا من واشنطن ولندن

في خطوة تُعتبر انتصارًا دبلوماسيًا لكلا من واشنطن ولندن، تستعد إدارة الرئيس دونالد ترامب للإعلان رسميًا عن إبرام اتفاق تجاري مع بريطانيا، كما أكدت مصادر مطلعة لصحيفة نيويورك تايمز.

ومن المنتظر أن يتم الإعلان يوم الخميس، في وقت تواصل فيه إدارة ترامب الدفع باتجاه اتفاقات ثنائية تعيد رسم العلاقات التجارية للولايات المتحدة بعيدًا عن الأطر التقليدية متعددة الأطراف.

إشارات أولية على وسائل التواصل الاجتماعي

ألمح الرئيس ترامب إلى الصفقة قبل الإعلان الرسمي، حيث نشر على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي مساء الأربعاء:”مؤتمر صحفي كبير غدًا في العاشرة صباحًا في المكتب البيضاوي بخصوص اتفاق تجاري ضخم مع دولة كبيرة ومحترمة… هو الأول من بين الكثير!”

على الرغم من أن ترامب لم يذكر اسم الدولة، أكدت مصادر قريبة من الملف أن المقصود هو المملكة المتحدة. بينما رفض البيت الأبيض تقديم تفاصيل إضافية، وامتنعت السفارة البريطانية في واشنطن عن التعليق.

من الحواجز إلى الاتفاق

إذا تم تأكيد الاتفاق رسميًا، سيكون الأول منذ فرض ترامب رسوماً جمركية واسعة النطاق على عدد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين. ورغم أن الإدارة تراجعت مؤقتًا عن تلك الرسوم لإفساح المجال أمام المفاوضات، تبقى بريطانيا خاضعة لرسوم بنسبة 25% على صادراتها من الصلب والألمنيوم والسيارات، وهو ما تسعى لندن إلى إنهائه في إطار الاتفاق المرتقب.

على الرغم من الغموض المحيط بتفاصيل الاتفاق التجاري، إلا أن المباحثات السابقة بين البلدين تناولت قضايا عدة، منها خفض الرسوم البريطانية على السيارات والمنتجات الزراعية الأميركية، وإلغاء ضرائب مفروضة على شركات التكنولوجيا الأميركية العاملة في السوق البريطاني.

اتفاق كامل أم “اتفاق مصغر”؟

يرجح بعض الخبراء أن ما سيُعلن عنه ليس اتفاقًا تجاريًا شاملاً بالمعايير التقليدية، بل “اتفاق إطار” يحدد مسارات التفاوض خلال الأشهر المقبلة. المحامي المتخصص في التجارة الدولية تيموثي برايتبيل أوضح أن الاتفاق “قد لا يتجاوز كونه بداية محادثات رسمية، وليس اتفاقًا نهائيًا”، مشيرًا إلى أن الملفات المعقدة مثل التجارة الرقمية والحواجز غير الجمركية ستكون محور جدل طويل.

على غرار ما حدث في الولاية الأولى لترامب، حين أعاد التفاوض على اتفاقات كبرى مثل “نافتا” وأبرم اتفاقات مصغرة مع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية، يبدو أن الرئيس يعود لاستخدام نفس النهج: اتفاقات سريعة ومحدودة تهدف إلى تعزيز مكانة واشنطن التفاوضية.

انتصار سياسي لحكومة ستارمر

النسبة لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي زار البيت الأبيض في فبراير الماضي وقدم دعوة من الملك تشارلز الثالث لترامب لزيارة بريطانيا مرة أخرى، يُعتبر الإعلان بمثابة ثمرة جهد دبلوماسي حثيث سعى من خلاله إلى ترسيخ علاقة قوية مع واشنطن بعد سنوات من عدم اليقين عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ويُنظر إلى هذا الاتفاق على أنه يعزز موقع ستارمر في الداخل البريطاني، خاصة في وقت نجحت فيه حكومته أيضًا في توقيع اتفاق تجاري آخر مع الهند، الذي يتضمن تخفيضات جمركية وتوسيع نفاذ الشركات البريطانية إلى قطاعات التأمين والخدماتالمالية في السوق الهندية.

حراك واسع في خريطة التجارة الأميركية

إلى جانب بريطانيا، تشير تقارير إلى أن إدارة ترامب بصدد إبرام اتفاقات مماثلة مع كل من الهند وإسرائيل، بالإضافة إلى استمرار المفاوضات مع دول آسيوية أخرى مثل كوريا الجنوبية، اليابان، وفيتنام. ومع ذلك، لا يخفي ترامب تردده المعلن بشأنالحاجة إلى مثل هذه الاتفاقات، إذ قال مؤخرًا مخاطبًا وزير التجارة هوارد لوتنيك: “بإمكاننا توقيع 25 اتفاقًا الآن لو أردنا ، لكننا لسنا بحاجة إليها، هم من يحتاجون إليها”.

ملامح مرحلة جديدة في العلاقات التجارية

بعيدًا عن الجوانب التجارية البحتة، يرى مراقبون أن الاتفاق مع بريطانيا يحمل طابعًا رمزيًا أيضًا، إذ يُعتبر علامة على عودة الروح إلى “العلاقة الخاصة” بين البلدين في ظل قيادة محافظة في لندن وإدارة جمهورية في واشنطن. ومع ذلك، يُعد هذا الاتفاق اختبارًا حقيقيًا لقدرة الطرفين على تجاوز الخلافات المتراكمة وبلورة شراكة اقتصادية مستدامة في عالم يتغير بوتيرة سريعة.

 

إيمان زريقات

إيمان زريقات صحفية سورية متخصصة في القسم الخارجي وتغطية وكالات الأنباء العالمية، ولها خبرة واسعة في متابعة الأخبار الدولية وتقديم تقارير دقيقة وشاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى