طاقة

مشروع الغاز الاكبر في استراليا بين ضمان الطاقة وتفجير مناخي

قرار مصيري بشأن "نورث ويست شيلف" يضع الحكومة الاسترالية بين مطرقة الاقتصاد وسندان التراث والمناخ.

 

في الأيام القادمة سيكون وزير البيئة الاسترالي موراي وات، أمام واحد من أكثر القرارات حساسية في تاريخ السياسة البيئية للبلاد: هل يسمح بتمديد تشغيل مشروع “نورث ويست شيلف” _ أضخم مشروع للغاز الطبيعي المسال في استراليا _ حتى عام 2070 ؟ هذا القرار لا يتعلق فقط بمستقبل الطاقة، بل يمسّ صميم قضايا المناخ، التراث الثقافي، وحقوق السكان الأصليين.

مشروع عملاق يعيد تشكيل الاقتصاد والطبيعة

يقع مشروع “نورث ويست شيلف” على سواحل ولاية استراليا الغربية. وقد بدأ إنتاجه منذ الثمانينيات بقيادة شركة “وودسايد إنرجي”. على مدار عقود، ضخت هذه المنشأت استثمارات ضخمة في الاقتصاد المحلي، واسهمت في تعزيز مكانة استراليا كواحدة من أكبر مصدري الغاز في العالم.

لكن هذه المكاسب الاقتصادية لا تأتي من دون ثمن، فموقع المشروع يجاور منطقة ” موروجوغا” ، إحدى أغنى المناطق الأثرية في العالم، والتي تحتوي على نحو مليون نقش صخري، يُعتقد أن بعضها يعود إلى ما قبل 50 ألف عام. وقد بدأ العلماء يرصدون آثاراً مقلقة للتلوث الصناعي على هذه الآثار الفريدة.

 

القلق المناخي

الخطط لتمديد المشروع حتى عام 2070 تثير مخاوف عميقة لدى علماء المناخ والبيئة. إذ تشير التقديرات إلى أن استمرار تشغيل المشروع بهذا الشكل قد يؤدي إلى إطلاق مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون. ما يتعارض بوضوح مع تعهدات استراليا المناخية، ولا سيما هدف “صافي صفر انبعاثات” بحلول منتصف القرن.

 

إرث ثقافي تحت التهديد

إلى جانب القضايا البيئية، يواجه المشروع انتقادات متزايدة من السكان الأصليين، وخاصة من شعب “مارداثونيرا” ، والذي ترتبط به منطقة موروجوغا روحياً وثقافياً. الناشطة رانيلين كوبر رفعت دعوى قضائية تطالب بالنظر في تقرير ثقافي تم تجاهله منذ عامين، ويتناول تأثير المشروع على هذه المواقع التاريخية.

 

توسعات مستقبلية تثير مزيداً من الجدل:

لإطالة عمر المشروع حتى 2070 ، تخطط شركة “وودسايد” لاستغلال حقل “براوز” البحري ، الذي يقع فوق شعاب مرجانية نادرة وغنية بالتنوع البيولوجي. ورغم تصنيف وكالة حماية البيئة في الولاية للمشروع الجديد على أنه “عالي الخطورة بيئياً”، إلا أن الجهات التنظيمية تتعامل مع المشروعين بشكل منفصل، ورغم ترابطهما الواقعي.

 

القرار المنتظر: نقطة تحوّل أم استمرار في المسار القديم؟

يتوجب على وزير البيئة اتخاذ قراره بناءً على معايير قانون حماية البيئة والتنوع البيولوجي، التي لا تأخذ آثار المناخ بعين الاعتبار بشكل مباشر، مما يفتح الباب لانتقادات واسعة تطالب بإصلاح هذا القصور التشريعي. وفي ظل تصاعد الأصوات من المجتمع العلمي والمدني والسكان الأصليين، يبقى السؤال الجوهري: هل سترجح كفة الاعتبارات الاقتصادية قصيرة الأمد؟ أم ستميل الكفة لصالح الحفاظ على البيئة والإرث الثقافي وحقوق الأجيال القادمة؟

القرار المرتقب لا يحدد فقط مصير مشروع غاز، بل قد يشكل علامة فارقة في مسار استراليا نحو مستقبل أكثر استدامة أو نحو أزمة مناخية متفاقمة.

سولين غزيم

صحفية سورية متخصصة فى الفن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى