الصين بين بدائل الزراعة وتحديات التكنولوجيا وسط قيود الواردات الأمريكية المتزايدة
رغم نجاحها في استبدال السلع الزراعية، تواجه الصين صعوبات مع الأدوية والتقنيات الأمريكية

مع تصاعد الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، تسعى بكين لتقليل اعتمادها على السلع الأمريكية. ورغم أنها استطاعت تعويض بعض المنتجات الزراعية بسهولة، لا تزال تواجه تحديات كبيرة في الاستغناء عن التقنيات والأدوية المتقدمة القادمة من أمريكا.
في خضم هذه الحرب التجارية المتجددة، يبرز تساؤل مهم: إلى أي حد يمكن للصين تعويض المنتجات الأمريكية التي أصبحت مرتفعة الثمن بفعل الرسوم التي وصلت إلى 125%؟ فعلى الرغم من أن الصين كانت تستورد ما قيمته 145 مليار دولار سنويًا من البضائع الأمريكية، فإن هذه الرسوم جعلت الكثير من هذه المنتجات غير مجدية اقتصاديًا.
الزراعة: بدائل متوفرة بسهولة
نجحت الصين إلى حد كبير في إيجاد بدائل للسلع الزراعية الأمريكية، مثل فول الصويا والقمح. فمثلاً، كان 40% من فول الصويا المستخدم في تغذية الخنازير يأتي من أمريكا في عام 2017، أما الآن فقد انخفضت النسبة إلى 18% بفضل زيادة الواردات من البرازيل ودول أخرى، إلى جانب جهود لرفع الإنتاج المحلي. كذلك، توقفت الصين تقريبًا عن استيراد القمح والغاز الطبيعي المسال الأمريكي منذ مارس الماضي، كما تحولت مطاعم الوجبات الغربية في بكين إلى استخدام لحوم أسترالية بدلًا من الأمريكية.
التقنيات والأدوية: العقبة الأكبر
لكن استبدال المنتجات الصيدلانية والتكنولوجيا المتطورة يبقى أكثر تعقيدًا. فبالرغم من أن الصين تصدر كميات كبيرة من الأدوية الجنيسة لأمريكا، إلا أن الأدوية الأمريكية المتخصصة، مثل تلك المستخدمة لعلاج السرطان أو أمراض نادرة مثل الهيموفيليا، لا تزال ضرورية ولا تتوفر بدائل لها بسهولة. على سبيل المثال، أكثر من 40% من واردات الصين من بروتين “الألبومين” — المستخرج من الدم ويُستخدم في أدوية منقذة للحياة — تأتي من الولايات المتحدة.
الطيران: اعتماد لا يمكن تجاوزه سريعًا
في قطاع الطيران، تعتمد الصين بشكل كبير على الطائرات وقطع الغيار الأمريكية. فقد أُعيدت مؤخرًا طائرتان من طراز “بوينغ” إلى أمريكا بعد أن أصبحت تكلفتهما — 55 مليون دولار للطائرة — غير مبررة بسبب الرسوم. وتشكل طائرات بوينغ نصف أسطول الطيران المدني الصيني، ما يجعل صيانتها وتحديثها مسألة حساسة. وحتى الطائرة الصينية “C919″، التي يُروَّج لها كبديل وطني، تعتمد في أجزائها الأساسية، مثل المحركات، على تكنولوجيا أمريكية.
هل تلجأ الصين إلى إعفاءات جديدة؟
قد تعيد الصين استخدام استراتيجية سبق أن اعتمدتها خلال فترة رئاسة ترامب، وذلك من خلال إعفاء بعض السلع من الرسوم الجمركية بشكل هادئ. ومؤخرًا، أعفى ترامب أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية الصينية من رسوم إضافية، مما يمنح بكين فرصة للرد بإجراءات مماثلة دون أن تبدو ضعيفة سياسيًا.
خلاصه: تشابك يصعب فكه
تُظهر هذه الأزمة أن الحرب التجارية بين البلدين تتجاوز الأرقام والتعريفات الجمركية، وتمس البنية التحتية الاقتصادية والصحية في بلدين ترتبط مصالحهما بشكل معقد، يصعب معه الانفصال التام.