فن وثقافة

وفاة الفنانة سميحة أيوب.. من “المتشردة” إلى “سكة السلامة”.. أبرز أعمالها المسرحية

وفاة سميحة أيوب اليوم عن عمر 93 عامًا.. محطات مؤثرة في حياة سيدة المسرح العربي

في صباح هادئ من صباحات يونيو، أسدل الزمن ستاره الأخير على واحدة من أنقى وأعرق حكايات الفن العربي، حين رحلت عن عالمنا الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، تاركة خلفها مسيرة لا تتكرر، وصوتًا ظل يملأ المسارح وقاعات الفن لعقود، حتى خفت فجأة دون مقدمات… كما لو أن الروح اكتفت من الصعود اليومي على الخشبة، وقررت أن تصعد هذه المرة إلى الأبد.

وُلدت سميحة في 8 مارس 1932 بحي شبرا الشعبي في القاهرة، في زمن كانت فيه الفنون تُحفر بصوت المذياع وصورة الأبيض والأسود. ومنذ خطواتها الأولى، بدت مختلفة. فتاة تحمل في ملامحها شغفًا مبكرًا، ونظرة فيها بريق المسرح الذي سيصبح لاحقًا وطنها الكبير.

في الخامسة عشرة، دخلت إلى بوابة السينما من خلال فيلم “المتشردة”، لكنها سرعان ما وجدت روحها تنتمي إلى المسرح. التحقت بـالمعهد العالي للفنون المسرحية، وهناك تتلمذت على يد عملاق المسرح زكي طليمات، لتولد سميحة أيوب الحقيقية… المرأة التي ستصبح لاحقًا “سيدة المسرح العربي”.

مسرح لا يُنسى

ما بين وقوفها المهيب على خشبة المسرح، وتمثيلها النابض بالحياة، عاشت سميحة أكثر من 70 عامًا في خدمة الفن. لم تكن تؤدي الأدوار، بل كانت تعيشها. في “رابعة العدوية” كانت زاهدة، وفي “سكة السلامة” كانت مرآة لمصر المتغيرة، وفي “دماء على أستار الكعبة” كانت صدى للتاريخ والجراح.

قدمت أكثر من 170 مسرحية، وأدارت المسرح الحديث والمسرح القومي، فكانت فنانة وقائدة، عارفة بأسرار الخشبة وتفاصيل الضوء.

أم وامرأة وعاشقة للمسرح

خلف الأضواء، كانت سميحة امرأة مرت بتقلبات الحياة. تزوجت ثلاث مرات، أبرزها من المفكر المسرحي سعد الدين وهبة، والفنان محمود مرسي الذي أنجبت منه ابنها الوحيد “محمود”. واجهت أزمات شخصية ومالية، لكنها لم تترك الخشبة. كانت تقول دائمًا: “المسرح بيتي، وبيحميني من نفسي”.

تكريمات بحجم التاريخ

حصلت على وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، ووسام الاستحقاق السوري، وتُوّجت بـجائزة الدولة التقديرية في الفنون. ومع ذلك، ظلت متواضعة، تضحك بخجل حين يناديها أحدهم بلقب “سيدة المسرح”، وكأنها لا تزال تلك الفتاة الصغيرة في شبرا، تحلم بأن يُكتب اسمها في لافتة عرض.

رحيل في صمت… وصدى لا ينطفئ

صباح الثالث من يونيو 2025، رحلت سميحة أيوب في هدوء، كما يرحل الكبار. فارقت الحياة في بيتها بحي الزمالك، بعد حياة كانت كلها خشبة وصوت وجمهور وأحلام.

وداعًا يا سميحة، يا من علمتنا أن الفن التزام، وأن الجمال يمكن أن يُحكى بنظرة، أو نبرة، أو حتى وقفة على المسرح. سيبقى اسمك محفورًا في الذاكرة… وستبقى خشبات المسرح تفتقد خطواتك الثقيلة بالهيبة، الهادئة بالتواضع.

خلود عاشور

خلود عاشور صحفية متخصصة تحمل شهادة في اللغة العربية من كلية دار العلوم، وتتمتع بخبرة راسخة في الصحافة الإلكترونية. على مدار مسيرتها المهنية، تعاونت مع عدد من أبرز المنصات الإخبارية المتخصصة، وكرّست جهدها لتغطية ملفات التعليم بكل أبعادها. تُعرف بأسلوبها التحليلي الدقيق وقدرتها الاستثنائية على تبسيط القضايا التعليمية المعقدة، ما رسّخ مكانتها كمصدر موثوق ومؤثر لدى جمهور واسع من القراء والمهتمين بالشأن التعليمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى