حوادث وقضايا

البلده الأمريكية الأكثر كنديه تجد نفسها في قلب حرب تجارية

محاصرة بين الحدود: كيف تهدد الحرب التجارية مستقبل نقطة روبرت

رغم أنها بلدة أمريكية، تبدو “نقطة روبرتس” الواقعة في ولاية واشنطن وكأنها جزء من كندا أكثر من كونها جزءًا من الولايات المتحدة. شوارعها تحمل أسماء مقاطعات كندية، ومحطاتها تبيع الوقود باللتر، ونصف سكانها تقريبًا يحملون جنسية مزدوجة. متجرها الوحيد للبقالة، والذي يحمل اسم “السوق الدولية”، يقبل الدولارين الأمريكي والكندي على حد سواء.

لكن ذلك الصندوق النقدي في المتجر بالكاد يُستخدم في الأشهر الأخيرة. تقول علي هايتون، مالكة السوق، إن المبيعات انخفضت بنسبة 30% بسبب تراجع غير مسبوق في عدد الزوار الكنديين: “نحن بالكاد نتمسك بالبقاء”.

بلدة محاصرة… ومهجورة من جيرانها الكنديين

مثلها مثل العديد من البلدات الواقعة قرب الخط الـ49 الفاصل بين كندا والولايات المتحدة، تعاني نقطة روبرتس من ارتدادات التوتر المتصاعد بين البلدين، حيث تسببت سياسات إدارة ترامب، التي شملت فرض رسوم جمركية جديدة وتهديدات بضم كندا كـ”الولاية 51″، في موجة غضب كندية وحملة مقاطعة شاملة للمنتجات الأمريكية.

لكن على خلاف المدن الحدودية الأخرى التي تعتمد على الزبائن الأمريكيين المحليين، لا يمكن الوصول إلى نقطة روبرتس إلا عبر المرور بكندا لمسافة 40 كيلومترًا، ما يجعلها عرضة أكثر من غيرها للعزلة التجارية، يقول وين لايل، رئيس غرفة التجارة المحلية: “من المؤسف أن بلدتنا الصغيرة عاجزة إلى هذا الحد”.

مطاعم مغلقة ومتاحف ترحل

تسبب الانكماش السياحي في إغلاق العديد من المحلات، بينما نقل البعض أنشطته إلى الجانب الكندي. وقد قلّصت بقية الأعمال ساعات العمل لمواجهة الانخفاض الحاد في الإيرادات.

تقول تامرا هانسن، صاحبة مطعم محلي، إن مبيعاتها تراجعت بنسبة 55% بعد فرض الرسوم الجمركية في فبراير: “الأمر أسوأ من فترة كوفيد. إذا لم أتلق دعمًا، سأضطر لاتخاذ قرارات صعبة جدًا”.

وقد قرر متجر “بوينت تو بوينت بارسل” إغلاق أبوابه نهائيًا في أبريل، بعد 24 عامًا من العمل، معلنًا أن السبب المباشر هو السياسات التجارية الجديدة. كذلك قرر متحف البط المطاطي الشهير نقل نشاطه إلى مدينة “تسواسن” الكندية المجاورة بسبب تراجع الزوار وارتفاع تكاليف استيراد البضائع من الصين.

محاولات بائسة للإنقاذ

يحاول بعض السكان مواجهة الأزمة بإطلاق مبادرات شعبية، مثل طباعة ملصقات تحمل عبارة “نقطة روبرتس تدعم كندا”، فيما لجأ آخرون إلى مناشدة الحكومة الكندية لتوفير استثناءات جمركية لهذه البلدة ذات الوضع الجغرافي الفريد.

السوق الدولية بدورها خفضت ساعات العمل وعدلت أسعار الصرف لصالح الكنديين خلال عطلة عيد الفصح، ما ساعد على رفع المبيعات مؤقتًا. لكن هايتون، مالكة المتجر، تخشى أن تتحول البلدة إلى “صحراء غذائية” إذا اضطرت إلى الإغلاق، مشيرة إلى أن الدعم الحكومي الذي حصلت عليه خلال كوفيد لم يُعد متاحًا الآن.

مصير مجهول وسط تجاهل رسمي

رغم تأكيد وزيرة التنمية الاقتصادية في كولومبيا البريطانية، ديانا جيبسون، أن الوضع غير مسبوق، إلا أنها لم تقدم أي وعود بدعم خاص للبلدة الأمريكية، مشيدة فقط بالسياحة الداخلية في الإقليم الكندي.

وفي ظل غياب تدخل ملموس، يزداد قلق السكان والتجار من أن تختفي نقطة روبرتس كما يعرفونها، وتصبح شاهدًا على ما يمكن أن تفعله الحروب التجارية بعلاقات الجوار، مهما كانت وثيقة.

عزة طارق

صحفية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى