بين الإنسان والآلة: رؤيتي لمستقبل تتحكم فيه الخوارزميات
حين يكتب الذكاء الاصطناعي مستقبلنا: الإنسان في مواجهة الآلة

لا شك أن التكنولوجيا أصبحت اليوم جزءًا لا يتجزأ من نسيج حياتنا اليومية، نحن نعيش في زمن تتسارع فيه الابتكارات بشكل لم يسبق له مثيل، حتى بتنا نركض خلف التطور، أو ربما نحاول اللحاق به دون أن نلتقط أنفاسنا، ولكن السؤال الحقيقي الذي أطرحه دائمًا على نفسي: إلى أين نمضي؟ وماذا سيكون شكل العلاقة بين الإنسان والآلة في المستقبل القريب؟.
التكنولوجيا في صلب حياتنا اليومية
بحكم عملي في مجال الذكاء الاصطناعي والميديا، أعيش هذا التحوّل يوميًا، أرى كيف أصبحت الخوارزميات لا تنتج فقط توصيات، بل تتحكم أحيانًا في الذوق العام، كيف يمكن لأداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي أن تكتب نصًا، تولّد صورة، أو حتى تبني مشهدًا سينمائيًا كاملًا خلال دقائق. هذه القفزات المذهلة تجعلني مندهشًا من جهة، ومتأملاً من جهة أخرى.
أؤمن أن التكنولوجيا ليست عدوًا للإنسان، بل انعكاس له، هي امتداد لقدراته، ومحاولة لترجمة خياله وطموحه إلى واقع ملموس، لكنها، في ذات الوقت، يمكن أن تتحول إلى مرآة مشوشة إن لم نُحسن استخدامها. التحدي الأكبر ليس في تطوير أنظمة ذكية، بل في الحفاظ على إنسانيتنا داخل هذا العالم الذكي.
الأدوات الذكية لا تُنتج القيم
التكنولوجيا تمنحنا الأدوات، لكنها لا تمنحنا القيم. يمكنها أن تسرّع العمل، أن تعزز الدقة، أن تحلل كميات هائلة من البيانات، لكن من يمنح هذه البيانات معنى؟ من يقرر أن هذا الخيار أخلاقي وذلك لا؟ الإنسان فقط.
أخشى من عالم تُستبدل فيه القرارات الإنسانية بقرارات آلية لا تراعي السياق أو العاطفة، عالم تسير فيه الأخبار وفق منطق الخوارزميات لا الحقيقة، ويتم فيه تقييم الإنسان بناءً على بياناته لا شخصه.
التفاؤل الممكن: التكنولوجيا بروح إنسانية
لكنني متفائل. متفائل لأن الإنسان، رغم كل شيء، لا يزال يبحث عن المعنى، لا يزال يكتب ويبدع ويرسم ويتأمل. متفائل لأن التكنولوجيا حين تُصمَّم بروح إنسانية، تكون قوة مضاعفة لا تهديدًا، نحن بحاجة إلى بناء تكنولوجيا “واعية” — لا من حيث الإدراك الاصطناعي، بل من حيث المسؤولية الأخلاقية.
أطمح إلى أن أكون جزءًا من هذا التحول الواعي، أن أساهم في بناء أدوات ذكية لا تحل محل الإنسان، بل تساعده على التفرغ لما لا تستطيع الآلة فعله: الإبداع، التعاطف، والتفكير النقدي. المستقبل ليس صراعًا بين الإنسان والآلة، بل شراكة، شرط أن يقودها الإنسان، لا أن يُقاد فيها.