ترامب يشعل الفوضى السياسية في أمريكا ويطلق شعبوية يصعب احتواؤها
الاحتجاجات تكشف تصدع النظام الأمريكي تحت قيادة شعبوية تؤجج الانقسام الداخلي

ما يجري في لوس أنجلوس ليس مفاجئاً بقدر ما هو نتيجة طبيعية لمسار خطير بدأ مع عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم. إذ يعتمد هذا المسار على إثارة الغضب الشعبي وخلق أزمات متعمدة لتبرير تدخل الدولة بشكل قمعي. إصابة المراسلة الأسترالية لورين توماسي برصاصة مطاطية أثناء تغطيتها المباشرة للاحتجاجات لم تكن مجرد حادثة عابرة، بل تجسيد رمزي لانزلاق الدولة نحو استخدام القوة لقمع المعارضة السياسية.
لحظة الحقيقة على الهواء مباشرة
الواقعة التي أصيبت فيها الصحفية الأسترالية انتشرت سريعاً عبر العالم، لتصبح رمزاً لوحشية التعامل الأمني مع المظاهرات. المقطع المصور كشف التداخل الخطير بين سلطة الأمن والإعلام، وبيّن كيف تُستخدم أدوات الدولة لقمع الأصوات المعارضة بصورة علنية.
تحقق كابوس قديم التنبؤ به
تحذيرات سابقة من استغلال ترامب لملف الهجرة لإشعال الصراعات الداخلية بدت وكأنها رؤى مستقبلية تتحقق اليوم. فعمليات الإنزال الأمني في ولايات ديمقراطية مثل كاليفورنيا، ومشاركة الحرس الوطني، تشير إلى تنفيذ سيناريو كارثي طالما حذر منه الخبراء، وها هو حاكم الولاية غافن نيوسوم يتهم ترامب باختلاق أزمة سياسية.
تحويل الأنظار: ترامب يغير القناة
وسط الخلافات مع إيلون ماسك بشأن التخفيضات الضريبية، استطاع ترامب كعادته توجيه أنظار الرأي العام إلى مشهد أكثر درامية: الاحتجاجات الدامية. هكذا يدير ترامب المشهد كعرض إعلامي مثير، لكن هذه المرة على حساب الديمقراطية الأمريكية.
الشعبوية… وحش يصعب ترويضه
الأزمة كشفت أن الشعبوية ليست أداة يمكن التحكم بها حتى من قبل أصحاب المليارات. فترامب الغاضب قد يدمر حتى إمبراطوريات التكنولوجيا والمال. إيلون ماسك مثال واضح، إذ اضطر إلى حذف تغريداته المناهضة لترامب والمشاركة في رواية البيت الأبيض حول الاحتجاجات.
“الإرهاق” كحيلة سياسية
القصة الأمريكية تجد صدى لها في بريطانيا، حيث استقال رجل الأعمال زيا يوسف من قيادة حزب “ريفرم يو كي” ثم عاد بعد يومين متراجعاً عن مواقفه الليبرالية، مبرراً ذلك بالإرهاق. وكأن التعب أصبح ستاراً لإخفاء التنازلات والانقلابات السياسية، كما فعل ماسك تماماً.
إصلاح من الداخل أم تغطية على فشل؟
زعيم الحزب نايجل فاراج بدا غير قادر على السيطرة على التيارات المتطرفة داخل حزبه رغم تصاعد شعبيته في استطلاعات الرأي. زيا يوسف سيشغل منصباً جديداً يتعلق بمراقبة الإنفاق المحلي، لكنه ابتعد عن مواجهة صراعات داخل الحزب تميل نحو اليمين المتطرف.
خرافة تقليص الدولة للنمو الاقتصادي
الدعم الذي حصل عليه ترامب من بعض رجال وادي السيليكون كان مبنياً على وعود بتقليص الدولة وتعزيز الاقتصاد الرقمي. لكن النتيجة جاءت عكسية: تصاعد الديون، فوضى مؤسسية، وعسكرة للشوارع بدلاً من الإصلاح.
الدرس البريطاني: لا تدع الشعبوية تدخل
ما تشهده أمريكا ليس بعيداً عن المملكة المتحدة، حيث تصعد أحزاب بلا رؤى حقيقية سوى السعي لهدم النظام القائم. التجربة الأمريكية تثبت أن الفوضى متى ما وجدت موطئ قدم، يصعب السيطرة عليها. والوقاية الوحيدة هي عدم السماح لها بالدخول أصلاً إلى المشهد السياسي.