اقتصادي لـ ” العالم في دقائق” الاتساع الاستراتيجي بين مصر والخليج يساهم في استقرار المنطقة

أوضح الدكتور عبدالرحمن طه، الخبير في الاقتصاد الرقمي، أن معدلات الاستثمار المتبادل بين مصر ودول الخليج العربي تشهد ارتفاعاً ملموساً، مع تطور ملحوظ في العلاقات الاقتصادية خاصة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أصبحت أبرز شريك تجاري لمصر في المنطقة، مؤكدا أن هذه الشراكة الاستراتيجية تمثل نموذجاً للتعاون الاقتصادي العربي يهدف لتعزيز النمو المستدام في المنطقة.
وأشار طه، في تصريحاته لموقع “العالم في دقائق”، إلى أن الإمارات حققت المركز الأول كشريك تجاري لمصر خلال العام المالي 2023/2024، حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 9.3 مليار دولار، توزعت هذه القيمة بين 5.6 مليار دولار واردات مصرية من الإمارات و3.7 مليار دولار صادرات مصرية إلى الإمارات، ما يعكس مستوى التكامل الاقتصادي العميق بينهما.
وأضاف طه أن الاستثمارات الإماراتية الضخمة في مصر تُعد من أبرز ملامح هذه الشراكة، مشيراً إلى توقيع اتفاقية تاريخية في فبراير 2024 مع دولة الإمارات بقيمة 35 مليار دولار لتطوير منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي، ومن المتوقع أن يجتذب هذا المشروع استثمارات إضافية تصل إلى 150 مليار دولار، بما يساهم في تحويل المنطقة إلى وجهة سياحية كبرى ومركز صناعي بالإضافة لمطار دولي، وسيوفر المشروع آلاف فرص العمل للشركات والعمال المصريين.
وأكد أيضاً أن الاستثمارات الإماراتية امتدت إلى قطاعات حيوية عدة داخل مصر، فعلى سبيل المثال، قام صندوق الثروة السيادي الإماراتي ADQ بضخ استثمارات قُدرت بحوالي 800 مليون دولار في ثلاث شركات صناعية مصرية، إلى جانب استثمار بقيمة 625 مليون دولار في شركة الشرقية للدخان من قبل جهة إماراتية أخرى.
وعلى الصعيد الاقتصادي الأوسع، أوضح طه أن الاستثمارات الإماراتية ساهمت بشكل كبير في تحسين الأداء الاقتصادي المصري، فقد شهد الربع الأول من العام المالي 2024/2025 نمواً اقتصادياً بنسبة 3.5% مقارنة بـ2.7% خلال نفس الفترة من العام السابق، كما انخفض معدل التضخم السنوي من 23% في يناير 2025 إلى 12.5% في فبراير 2025، وهو المستوى الأدنى منذ مارس 2022.
التجارة الخارجية المصرية ضمن السياق الإقليمي
وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية المصرية ضمن السياق الإقليمي، أشار طه إلى أن إجمالي حجم التجارة الخارجية لمصر بلغ 32.24 مليار دولار خلال الربع الأول من السنة المالية 2024/2025، بينما وصل هذا الرقم إلى 104.7 مليار دولار في السنة المالية السابقة، كما تبين البيانات أن التجارة مع أكبر 14 شريكاً تجارياً لمصر تمثل 64.6% من إجمالي تجارتها الخارجية، بقيمة تقارب 67.6 مليار دولار.
وفيما يخص الآفاق المستقبلية، ذكر طه أن العمل في مشروع رأس الحكمة من المقرر أن يبدأ هذا العام، حيث تحتفظ مصر بنسبة 35% من ملكيته لضمان تحقيق عوائد مستدامة على المدى الطويل، كما أشار إلى استمرار النقاش مع مستثمرين إقليميين آخرين، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، لتوسيع دائرة الاستثمارات في البلاد.
واختتم طه تصريحاته بالإشارة إلى أن الأرقام والإحصائيات تؤكد دخول العلاقات الاقتصادية بين مصر والإمارات مرحلة ذهبية من التطور والنمو، وأبرز أن هذه العلاقة تتجاوز مفهوم التبادل التجاري التقليدي لتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة والمصالح المشتركة، وشدد على أن هذا النموذج يمكن أن يُحتذى به لتعزيز التعاون العربي الاقتصادي مستقبلاً.