قبرص تعتقل مشتبها بالتجسس لصالح إيران قرب قاعدة جوية بريطانيه
اعتقال مشتبه به بالتجسس لصالح إيران قرب قاعدة جوية بريطانية في قبرص

أعلنت السلطات القبرصية أنها اعتقلت مواطنًا بريطانيًا بتهم تتعلق بالإرهاب والتجسس، بعد الاشتباه في قيامه بمراقبة منشآت عسكرية بريطانية وأمريكية في الجزيرة، لصالح الاستخبارات الإيرانية، في تطور يزيد من تعقيد المشهد الأمني مع اتساع رقعة الحرب بين إسرائيل وإيران.
ووفقًا لمصادر بريطانية مطلعة، فإن الرجل المحتجز يُشتبه في أنه كان يجمع معلومات حول قاعدة “أكروتيري” الجوية، وهي القاعدة الرئيسية لسلاح الجو البريطاني في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى قاعدة “أندرياس باباندريو” القبرصية، التي تُستخدم أحيانًا من قبل القوات الأمريكية.
وكانت السلطات القبرصية قد أعلنت السبت أنها ألقت القبض على المشتبه به بعد عملية منسقة نفذتها أجهزة الأمن، وأمرت المحكمة بحبسه لمدة ثمانية أيام للتحقيق في اتهامات تشمل التجسس والإرهاب. وأفادت الحكومة بأن المتهم كان قيد المراقبة منذ شهر بالتعاون مع “جهات حليفة”.
تعاون استخباراتي دولي
وسائل إعلام قبرصية نقلت أن العملية تمت بدعم من جهاز الاستخبارات البريطاني الخارجي (MI6) وجهاز “الموساد” الإسرائيلي، وهو ما يعكس حجم القلق المشترك من الأنشطة الإيرانية المحتملة قرب منشآت عسكرية حساسة.
وفي البداية، قالت السلطات القبرصية إن المشتبه به من أذربيجان، لكن وزارة الخارجية البريطانية أكدت لاحقًا أنه مواطن بريطاني، مشيرة إلى أنها على تواصل مع الجهات القبرصية بشأن القضية، من دون توضيح ما إذا كان يحمل جنسية مزدوجة.
وزارة الدفاع البريطانية أحالت الاستفسارات إلى وزارة الخارجية، التي تتعاون بشكل وثيق مع MI6 وتتولى دعم المواطنين البريطانيين المعتقلين في الخارج. كما تمسكت الحكومة البريطانية بموقفها الثابت بعدم تأكيد أو نفي أي تقارير تتعلق بشؤون استخباراتية.
تزامن مع تصاعد التوترات الإقليمية
يأتي هذا التطور في الوقت الذي تدخل فيه الحرب بين إيران وإسرائيل أسبوعها الثاني، بينما تدرس الولايات المتحدة احتمال التدخل العسكري المباشر لتدمير برنامج إيران النووي. وقد دفع هذا السيناريو لندن إلى نشر طائرات مقاتلة إضافية من طراز “تايفون” وأصول عسكرية أخرى في المنطقة، ضمن ما وصفه رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، بخطة “الطوارئ”.
وكانت بعض هذه الطائرات في طريقها إلى قاعدة أكروتيري، بينما تعرضت طائرات أخرى لهجوم تخريبي داخل الأراضي البريطانية نفسها، حيث اقتحم نشطاء من جماعة “Palestine Action” قاعدة “برايز نورتون” — الأكبر لسلاح الجو البريطاني — وقاموا برش طلاء داخل محركات الطائرات، في عمل تخريبي تصفه الحكومة بأنه إرهابي، مع توقعات بحظر الجماعة رسميًا الأسبوع المقبل.
موقف حذر من التصعيد المباشر
رغم كل هذه التحركات العسكرية، لا تزال بريطانيا تتجنب الانخراط المباشر في ضربات على الأراضي الإيرانية. فرئيس الوزراء كير ستارمر شدد هذا الأسبوع على أهمية التهدئة والدبلوماسية، لكنه في الوقت ذاته أكد أن بلاده “لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي”.
وكانت الطائرات البريطانية قد ساهمت في إسقاط صواريخ إيرانية أُطلقت تجاه إسرائيل في أبريل الماضي، كما شاركت في تحديد الأهداف خلال أكتوبر، لكنها لم تشارك فعليًا في الاشتباكات الأخيرة.
السفير الإسرائيلي في لندن أكد هذا الأسبوع أنه لم يطلب من بريطانيا أي دعم مباشر. مع ذلك، يواجه ستارمر قرارًا استراتيجيًا بالغ الحساسية بشأن السماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة “دييغو غارسيا” المشتركة في المحيط الهندي، إذا قررت إدارة ترامب — التي تدرس التدخل العسكري — شن ضربات على المنشآت الإيرانية المحصنة.
تجدر الإشارة إلى أن قاذفات الشبح B2 المتمركزة في دييغو غارسيا هي الوحيدة القادرة على حمل القنابل الخارقة للتحصينات التي قد تكون قادرة على تدمير منشأة “فوردو” النووية الإيرانية الواقعة تحت الأرض.
تحركات دبلوماسية موازية
في خضم التصعيد، التقى وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بنظيره الإيراني عباس عراقجي، إلى جانب وزيري خارجية فرنسا وألمانيا، في محاولة لتقديم “مخرج دبلوماسي” لطهران، مع التأكيد على ضرورة دخول مفاوضات مع واشنطن — حتى في غياب وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
خلاصة:
القبض على مشتبه به بالتجسس لصالح إيران قرب قاعدة عسكرية بريطانية استراتيجية يسلط الضوء على تعقيد الصراع القائم بين إيران وإسرائيل، واحتمالات انجرار دول غربية كبرى إلى مواجهة أوسع — سواء عبر الدعم اللوجستي أو من خلال شبكات التجسس والمراقبة. وبينما تتحرك الدبلوماسية البريطانية بحذر، فإن الأحداث على الأرض تتسارع نحو مسار قد لا يُمكن احتواؤه بسهولة.