“التربية” و”يونيسف” تبحثان دعم التعليم في غزة وتحضيرات “الثانوية العامة”
رغم الحصار والدمار.. طلاب غزة يستعدون للامتحانات بدعم من اليونيسف والتربية

في ظل التدهور المستمر في الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة، بفعل الحصار الطويل والتصعيد العسكري، تبرز العملية التعليمية كأحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمع الفلسطيني. وبينما يقترب موعد امتحانات الثانوية العامة، تسارع وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية بالتعاون مع شركائها الدوليين إلى توفير الحد الأدنى من مقومات التعليم، رغم ما يعيق ذلك من ظروف أمنية ولوجستية معقدة.
وفي هذا السياق، عقد وزير التربية والتعليم العالي، الدكتور أمجد برهم، اجتماعًا مع ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في فلسطين، جين غوف، ناقش فيه الجانبان سبل دعم العملية التعليمية في قطاع غزة، والتحضيرات الجارية لعقد امتحانات التوجيهي، رغم ما يمر به القطاع من أزمات متراكمة.
امتحانات في قلب الحصار: رسالة صمود من الطلبة
بحث الاجتماع، الذي عُقد الأربعاء في مقر الوزارة، توفير كافة المتطلبات الفنية والتقنية اللازمة لضمان سير امتحانات الثانوية العامة بشكل عادل وآمن، وفق الآلية التي وضعتها الوزارة، وبما يراعي واقع غزة تحت الحصار. وشدّد الوزير برهم على أن “الامتحانات في غزة ليست مجرد اختبارات أكاديمية، بل رسالة صمود وإصرار من طلبتنا على التمسك بحقهم في التعليم مهما كانت الظروف”.
وأشار برهم إلى أن الوزارة تبذل جهودًا كبيرة لتأمين بيئة تعليمية مستقرة تتيح للطلبة تقديم امتحاناتهم بكرامة، رغم الانقطاع المستمر للكهرباء، وغياب وسائل الاتصال، واستهداف العديد من المدارس خلال العدوان الأخير. كما ثمّن الشراكة المتواصلة مع منظمة اليونيسف، والتي لعبت دورًا مهمًا في دعم العملية التعليمية في ظل الأزمات المتكررة.
التعليم في غزة واقع مأساوي وإصرار لا ينكسر
يعاني قطاع التعليم في غزة من أزمات مركبة، بدأت منذ سنوات بسبب الحصار، وازدادت حدتها مع التصعيدات العسكرية المتكررة. وقد تم تدمير أو إغلاق مئات المدارس، واضطرت عشرات المؤسسات التعليمية إلى العمل بنظام الدوام الجزئي أو من خلال بدائل طارئة، في ظل غياب الاستقرار والبنية التحتية اللازمة.
كما يعاني الطلبة من صدمات نفسية حادة بسبب الحرب، ونقص حاد في المواد التعليمية، والمقاعد، والكوادر المؤهلة، فضلًا عن التحديات المتعلقة بالنقل، والانترنت، والمرافق الأساسية. كل ذلك يجعل من انتظام العملية التعليمية تحديًا يوميًا، ويتطلب جهودًا مكثفة وتعاونًا مستمرًا من كافة الجهات المعنية.
اليونيسف: شريك أساسي في دعم التعليم تحت النار
من جانبها، عبّرت ممثلة منظمة اليونيسف، جين غوف، عن تقديرها العميق للجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم العالي في فلسطين للحفاظ على استمرارية التعليم رغم الظروف الكارثية. وأكدت أن اليونيسف ملتزمة بدعم قطاع التعليم في غزة من خلال توفير المواد التعليمية، والاحتياجات النفسية والاجتماعية للطلبة، إضافة إلى دعم المعلمين والمشرفين التربويين.
وأوضحت غوف أن اليونيسف تعمل على تطوير برامج تدعم التعليم في حالات الطوارئ، وتنظيم جلسات دعم نفسي للطلبة المتأثرين بالحرب، كما تسهم في تدريب المعلمين على آليات التدريس في البيئات المتأثرة بالنزاعات، بما يضمن استمرارية التعليم حتى في ظل الأزمات.
كما دعت إلى ضرورة توفير التمويل الدولي العاجل للقطاع التعليمي في غزة، محذّرة من أن فقدان جيل كامل من المتعلمين سيكون له أثر مدمر على مستقبل المنطقة.
التعليم تحت الحصار.. بوصلة الأمل
في وقت تحاصر فيه الأزمات كافة جوانب الحياة في قطاع غزة، تبرز العملية التعليمية كرمز حي للصمود، يعكس إرادة شعب لا يزال يؤمن بالمستقبل رغم كل الدمار. وتؤكد هذه الجهود المتواصلة من الوزارة وشركائها أن الحق في التعليم لا يسقط بالعدوان، وأن بقاء المدارس مفتوحة هو في حد ذاته شكل من أشكال المقاومة المدنية في وجه الاحتلال والحصار.