عربي وعالمي

من هم الأكراد؟ شعب بلا دولة… وصوت لا يُسكَت

رحلة شعب تحدّى الجغرافيا... وصنع حضارته عبر الزمان

في جبال الشرق الأوسط، وعلى حدود أربع دول كبرى، يعيش شعب يملك لغة، وهوية، وتاريخاً عريقاً، لكن دون دولة. إنهم الأكراد، أحد أقدم الشعوب في المنطقة، وأحد أكثرهم إثارة للفضول. فمن هم؟ وأين يعيشون؟ ولماذا لا يملكون دولة حتى اليوم؟ لننطلق في رحلة لاكتشاف هوية هذا الشعب المليء بالحكايات والنضال.

 

أين يعيش الأكراد؟

جغرافياً “كردستان الكبرى”، والأكراد ينتشرون في أربع دول رئيسية:

تركيا (شمال كردستان)

العراق (جنوب كردستان)

إيران (شرق كردستان)

سوريا (غرب كردستان)

وتُعرف هذه المناطق مجتمعة باسم “كردستان”، أي “أرض الأكراد”. رغم أن الحدود السياسية قسمت الأكراد، إلا أن الثقافة واللغة والمشاعر القومية ظلت توحدهم. وبسبب الحروب والقمع، هاجر الملايين من الأكراد إلى أوروبا، وأمريكا، ودول أخرى، وشكلوا جاليات نشطة تحاول الحفاظ على ثقافتها وهويتها.

 

من أين جاء الأكراد؟

يعود أصل الأكراد إلى شعوب قديمة عاشت في الجبال والهضاب بين بلاد فارس وبلاد ما بين النهرين. ويُعتقد أنهم ينحدرون من الميديين، وهم قوم آري قديم لعب دوراً مهماً في التاريخ القديم للمنطقة. ورغم أن الأكراد لم يؤسسوا دولة قوية دائمة في التاريخ الحديث، إلا أنهم حافظوا على هويتهم من خلال اللغة، والعادات، والتمسك بالأرض.

 

اللغة والثقافة الكردية

اللغة الكردية تنقسم إلى لهجات رئيسية:

الكرمانجية (الأوسع انتشاراً)

السورانية

الزازاكية

الهورامية
ورغم الاختلافات، إلا أن هذه اللهجات كلها تعكس عمق وغنى الثقافة الكردية.

ثقافة الفلكلور والنار والجبال:

الموسيقى الكردية حزينة وملحمية.

الرقص الكردي (الدبكة) جماعي، يعبّر عن الفرح والوحدة.

الأزياء ملونة ومرصعة، خاصة في الأعياد مثل نوروز، رأس السنة الكردية.

 

لماذا لا توجد دولة كردية؟

بعد سقوط الدولة العثمانية، وُعد الأكراد في معاهدة “سيفر” (1920) بدولة مستقلة. لكن هذا الحلم تبخر مع توقيع اتفاقية سايكس-بيكو التي قسمت الشرق الأوسط، وتجاهلت حقوق الأكراد. وفي كل دولة، واجه الأكراد تحديات مختلفة:

في تركيا: حظر اللغة الكردية لعقود.

في العراق: مجازر، أبرزها حملة “الأنفال”.

في إيران وسوريا: تهميش وقمع سياسي.

لكن رغم كل ذلك، لم يتخلَّ الأكراد عن حلمهم بالحرية، وظلوا يقاومون بكل الأشكال: سياسياً، ثقافياً، وعسكرياً أحياناً.

 

أين هم اليوم؟

في شمال العراق، يتمتع الأكراد اليوم بحكم ذاتي شبه مستقل، له برلمانه وجيشه (البيشمركة)، وتجربة سياسية واقتصادية فريدة، رغم التحديات.

بفضل الإعلام، والانفتاح، ودورهم في محاربة داعش، أصبح العالم أكثر وعياً بالقضية الكردية، وصار الأكراد يُنظر إليهم كشعب مقاوم للظلم، محب للحرية.

 

شعب لا يُمحى

الأكراد ليسوا مجرد مجموعة عرقية تعيش بين الجبال، بل شعب حيّ، له لغته وأغانيه ودموعه وأحلامه. لم تُمنح له الدولة التي يستحقها، ولكنه بنى وطناً من الذاكرة، والصوت، والهوية. وربما، ذات يوم، يتحول الحلم إلى خريطة.

سولين غزيم

سولين غزيم صحفية سورية ، تتميز بقلمها الجريء واهتمامها العميق بالقضايا الإنسانية والاجتماعية. تعمل على تسليط الضوء على هموم الناس بصوت صادق، وتنقل الحقيقة من قلب الحدث بموضوعية وشغف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى