بودابست برايد تتحدى الحظر الحكومي وتُحرج أوربان سياسيًا
المسيرة تتحول إلى احتفال بـ”الحرية الوطنية” وسط تضارب حكومي ومعارضة تتفادى التصعيد

تستعد العاصمة المجرية، يوم السبت، لاستقبال عشرات الآلاف من المشاركين في “مسيرة بودابست برايد”، رغم حظر حكومي فرضه حزب رئيس الوزراء فيكتور أوربان.
مع إصرار المنظمين على المضي قدمًا، تتحول المسيرة إلى اختبار سياسي مباشر لحكومة أوربان التي تجد نفسها في موقف حرج.
القانون لم يوقف المسيرة
في مارس الماضي، أقر البرلمان المجري قانونًا يَمنع الفعاليات التي “تروّج للمثلية”.
لكن منظمي المسيرة أعلنوا استمرار الحدث تحت غطاء رمزي جديد، معتبرين أنه “احتفال بلحظة استعادة الحرية الوطنية” في 1991، عندما انسحبت القوات السوفيتية من البلاد.
الخطوة أربكت الحكومة، ووضعت أوربان في مأزق بين تنفيذ الحظر أو تجنّب تصعيد أمني قد يثير انتقادات دولية.
العمدة يتحدّى الحكومة
عمدة بودابست الليبرالي، غيرغيلي كراتشوني، أصر على تنظيم المسيرة بدعم بلدي، قائلاً: “لقد أوقعوا أنفسهم في الفخ بمحاولة حظر ما لا يمكن حظره”.
وأكد أن محاولات تقييد حرية التعبير ستأتي بنتائج عكسية. ويتوقع أن يشارك في الحدث أكثر من 50 ألف شخص، بينهم 70 عضوًا من البرلمان الأوروبي، ما يجعله الأضخم في تاريخ المجر.
أوربان أمام معضلة
رئيس الوزراء فيكتور أوربان أصبح أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما استخدام القمع لفض المسيرة، ما سيؤدي إلى موجة تنديد أوروبية، أو السماح بها وتقبّل صورة الحكومة العاجزة عن تنفيذ قراراتها.
ورغم تصريح أوربان بأن المشاركين “سيواجهون عواقب قانونية”، لم يبدِ حتى الآن حماسًا لأي تدخل أمني مباشر، مؤكدًا في الوقت ذاته أن المجر “بلد متحضّر”.
المعارضة تتجنّب الفخ
القانون الذي صُمم أساسًا لإحراج المعارض الصاعد بيتر ماغيار، المحافظ المنشق عن حزب “فيدس”، انعكس سلبًا على الحكومة نفسها. إذ رفض ماغيار التعليق على الحدث، مفضلاً التركيز على قضايا الفساد والتضخم.
بعض النشطاء الليبراليين عبّروا عن خيبة أملهم من صمت ماغيار، لكن آخرين رأوه تكتيكًا ذكيًا لتجنّب معركة إعلامية قد تُستخدم ضده في أوساط الناخبين المحافظين.
الإعلام الحكومي يصعّد
وسائل الإعلام المؤيدة لأوربان كثّفت هجماتها ضد المسيرة، مستخدمة صورًا مثيرة للجدل من مهرجانات في برلين وسان فرانسيسكو، بهدف تحفيز المشاعر المحافظة.
في المقابل، طالب منظمو المسيرة الزوّار الأجانب باحترام “المعايير المحلية” وعدم ارتداء ما يُعتبر جريئًا أكثر مما يُسمح به على الشواطئ.
اقتراح حكومي مثير للسخرية
في محاولة للالتفاف على الأزمة، اقترح وزير العدل بينس توزون نقل المسيرة إلى مضمار سباق خيول خارج العاصمة. إلا أن الاقتراح قوبل بالرفض من الجميع، حتى من داخل حزب أوربان نفسه، ووصفت الفكرة بأنها “تُزعج الخيول”.
قانون جدلي وضغوط أوروبية
القانون الأساسي يعود إلى 2021، وتم توسيعه في مارس 2025 ليشمل تجريم عرض أي محتوى متعلق بالمثلية على الأطفال، بما في ذلك الفعاليات العامة. ويواجه المشاركون نظريًا غرامات تصل إلى 600 دولار.
لكن دعم الاتحاد الأوروبي، ودعوات من مسؤولين كبار مثل أورسولا فون دير لاين، زادت الضغط على الحكومة للتراجع عن ممارساتها القمعية.
أوربان يحاول الحفاظ على قاعدته
رغم هذه المعارك، يحاول أوربان الحفاظ على دعم قاعدته الشعبية من خلال الترويج لقضايا “الهوية الثقافية”. لكنه لم يتعافَ بعد من فضيحة سياسية هزّت حكومته العام الماضي، تتعلق بالعفو عن مسؤول متورط في التستر على انتهاكات جنسية بحق أطفال، ما أدى لانشقاق ماغيار عن الحزب.
المسيرة التي كانت فعالية سنوية بسيطة تحولت إلى ساحة مواجهة كبرى بين السلطة والمعارضة المدنية. كما قال أحد المحللين المحليين: “لقد نصبوا الفخ لأنفسهم… وكان واضحًا أنه سيغلق عليهم”