قرية ليتلبريدي تواجه الإخلاء الكامل: صفقة سرية تُهدد سكان الريف الإنجليزي
قصة قرية ليتلبريدي تكشف كيف يهدد المال الخاص حقوق سكان الريف

في قلب الريف الإنجليزي، بالقرب من بلدة بريدبورت في مقاطعة دورسِت، يواجه سكان قرية ليتلبريدي الصغيرة، التي تضم 32 منزلًا فقط، خطر الإخلاء الجماعي بعد بيع أرض “برايدهيد” التي تقع عليها القرية بالكامل مقابل نحو 30 مليون جنيه إسترليني. الصفقة تمت لصالح شركة “برايدهيد إستيت ليمتد”، التي تُربط بدورها بصندوق استثمار خاص يُدعى “بيلبورت”، قيل إنه اشترى الأرض لصالح عميل مجهول.
أوامر بالطرد وإغلاق المداخل: السكان يُطردون من منازلهم دون تفسير
بدأ تنفيذ قرارات الإخلاء بالفعل، حيث طُردت إحدى السيدات لتحويل منزلها إلى مكتب إداري، كما وُضعت أقفال ولافتات تحذيرية على مداخل الأرض، التي تمتد لمساحة 2000 فدان، لمنع دخول السكان المحليين الذين اعتادوا ارتيادها. المشهد يوحي بالفوضى وانعدام الشفافية، فلا أحد يعرف هوية المالك الجديد أو مصدر أوامر الإخلاء.
تحويل الغضب نحو الأضعف: المهاجرون واللاجئون كبش فداء
في ظل غياب المعلومة ووضوح الجاني الحقيقي، اتجه الغضب الشعبي في بعض الأوساط نحو اللاجئين والمهاجرين، إذ روجت بعض الحسابات على مواقع التواصل لفكرة أن المنازل تُخلى لصالح “فارين من الحرب في فرنسا”. في مشهد كلاسيكي لاستراتيجية “فرق تسد”، يتم توجيه اللوم نحو الفئات الضعيفة بدلًا من محاسبة أصحاب المال والنفوذ.
الإعلام المحافظ يصنع وهم الغزو الحضري.. والحقائق تُفند الرواية
رغم الحملات الإعلامية التي تحذر من “غزو حضري” للريف من قبل مهاجرين وسكان المدن و”متحولين”، إلا أن الدراسات تُكذب هذه السرديات. استطلاع أجرته مؤسسة Future Countryside أظهر تقاربًا بين سكان الريف والمدن في دعم فكرة “الحق في التجول الحر”، بنسبة 54% و55% على التوالي. كما أشار الاستطلاع إلى أن حزب الخضر نال دعمًا أكبر لحماية الريف من حزب المحافظين.
طمس متعمد للنتائج.. وتسليط الضوء على تعليقات مجهولة
رغم ما كشفه الاستطلاع، فقد تجاهلت المؤسسة نشر نتائجه الكاملة، واكتفت بإبراز تعليق سلبي من شخص مجهول ينتقد “الغرباء” الذين يعبرون الحقول. إسقاط هذه البيانات يُظهر محاولة لصنع انقسام مصطنع بين سكان الريف والمدن.
دعم شعبي واسع للحق في التجول.. ورفض للتقاليد الأرستقراطية
استطلاع آخر من YouGov، لصالح حملة “الحق في التجول”، أظهر أن 68% من السكان – من المدينة والريف معًا – يدعمون حرية التجول، كما رفض 74% من سكان الريف الصيد باستخدام الكلاب، وهو ما يُفند فكرة أن هذه التقاليد تمثل “روح الريف”
دراسات علمية تكشف: سكان الريف ليسوا أكثر محافظة
أبحاث نُشرت في دورية Journal of Elections, Public Opinion and Parties أظهرت أن الفروق الثقافية والسياسية بين سكان الريف والمدينة مبالغ فيها، بل إن سكان الريف أقل دعمًا للسلطوية والقيادة غير الديمقراطية من نظرائهم في المدن، مما ينقض صورة “الريف المحافظ” الشائعة.
الانقسام الحقيقي: بين الناس والمال، لا بين الريف والمدينة
الخلاصة التي تتكشف من كل هذه الوقائع أن الانقسام الحقيقي في بريطانيا ليس بين سكان المدن والريف، بل بين عامة الناس وأصحاب الثروة والسلطة الذين يخفون مصالحهم خلف واجهات قانونية معقدة، وصناديق استثمار غامضة.
الاحتجاج قادم: سكان الريف ينظمون وقفة ضد “الإقطاع الجديد”
في 5 يوليو المقبل، تنظم حملة “الحق في التجول” احتجاجًا سلميًا على أراضي برايدهيد، للدفاع عن حقوق سكان الريف والتنديد بما يصفونه بـ”الإقطاع الحديث”، حيث تُسلب حقوق الناس باسم رأس المال.
الرسالة الأخيرة: المعركة ليست جغرافية.. بل اجتماعية
الرسالة الجوهرية التي يحملها هذا المشهد هي أن الصراع القائم ليس بين “المدينة والريف”، بل بين “الناس والمال”. إنها مواجهة بين المواطن العادي والسلطة الاقتصادية التي تحاول الهيمنة على كل شيء – حتى المساحات الخضراء والحق في البقاء.