الرئيس يصدر قرارا بالعفو عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة ذكرى ثوره 30يونيو
مصر تفتح أبواب الأمل بالعفو الرئاسي في ذكرى 30 يونيو

بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، التي استعادت فيها الدولة المصرية إرادتها الوطنية، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا جديدًا يقضي بالعفو عن باقي مدة العقوبة لبعض المحكوم عليهم، وذلك في إطار تقليد سنوي يعكس روح التسامح التي تتبناها الدولة في المناسبات الوطنية الكبرى.
مضمون القرار الجمهوري
صدر القرار الجمهوري رقم 332 لسنة 2025 ونُشر في الجريدة الرسمية، ويتضمن الإفراج عن مجموعة من السجناء الذين تنطبق عليهم الشروط القانونية والإنسانية. ويهدف هذا القرار إلى فتح صفحة جديدة للمستفيدين، وتعزيز مفاهيم الإصلاح وإعادة الدمج المجتمعي، بدلًا من الاقتصار على العقاب وحده.
ويشمل القرار الحالات التالية:
المحكوم عليهم بالسجن المؤبد الذين قضوا 15 عامًا على الأقل من مدة العقوبة حتى تاريخ 30 يونيو 2025، مع وضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات بعد الإفراج.
المحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية ممن قضوا ثلث المدة المقررة، شرط ألا تقل المدة المنفذة عن أربعة أشهر.
يُراعى أن يكون السجين حسن السير والسلوك، وألا يكون من أصحاب السوابق أو المتورطين في قضايا تُمثّل تهديدًا لأمن الدولة أو السلامة العامة
الجرائم المستثناة من العفو
رغم روح التسامح التي يحملها القرار، فقد استثنى جرائم بعينها لا يمكن التساهل فيها قانونًا أو أخلاقيًا، منها:
قضايا الإرهاب والانتماء لجماعات محظورة.
الإتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة.
الاعتداء على المال العام والرشوة وغسل الأموال.
الجرائم التي تمس أمن الدولة من الداخل أو الخارج.
الاعتداء الجنسي أو التحرش أو العنف ضد المرأة والطفل.
تؤكد هذه الاستثناءات على أن الدولة تسعى لتحقيق توازن دقيق بين تطبيق القانون، والحفاظ على حقوق المجتمع، ومنح فرصة ثانية للمستحقين.
آلية التنفيذ والإفراج
تم تشكيل لجان متخصصة من وزارة الداخلية ومصلحة السجون لفحص ملفات النزلاء وتحديد الحالات المستفيدة وفق معايير صارمة. وبدأت هذه اللجان منذ أيام دراسة ملفات السجناء، استعدادًا للإفراج الفوري عن من تنطبق عليهم الشروط.
وقد تم بالفعل الإفراج عن دفعات أولى من المفرج عنهم في عدد من السجون، وسط أجواء إنسانية مؤثرة جمعت بين الفرحة والدموع. وشهدت السجون احتفالات صغيرة نظمها النزلاء وأسرهم، تعبيرًا عن الأمل بفرصة جديدة في الحياة.
مغزى القرار في ضوء ثورة 30 يونيو
يمثل توقيت هذا العفو رمزية كبيرة، إذ إن ثورة 30 يونيو لم تكن فقط حركة شعبية لإعادة بناء الدولة، بل كانت إعلانًا عن ميلاد جمهورية جديدة تقوم على احترام القانون، والعدالة، والمواطنة، والكرامة الإنسانية.
ويُعد العفو الرئاسي بمناسبة هذه الذكرى بمثابة رسالة تؤكد أن الدولة المصرية لا تنسى أبناءها، وتُرحب بكل من يُقرر العودة إلى الطريق الصحيح.
ترحيب حقوقي ومجتمعي واسع
لاقى القرار ترحيبًا من منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية، التي رأت فيه خطوة مهمة على طريق إصلاح المنظومة العقابية في مصر. وأكد عدد من النشطاء أن هذه المبادرات تفتح المجال لسياسات عقابية قائمة على التأهيل، وتقلل من نسب العودة للجريمة، وتدعم السلام الاجتماعي.
كما شدد أعضاء في مجلس النواب على ضرورة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي للمفرج عنهم، عبر برامج تشغيل وتدريب ومتابعة بعد الإفراج، لضمان دمجهم الكامل في المجتمع.
الدولة تمضي نحو إصلاح متكامل
القرار الرئاسي يأتي في سياق خطوات شاملة تتبناها الدولة لتطوير نظام العدالة الجنائية، بما يتماشى مع أحكام الدستور المصري والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر. وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعًا في برامج التأهيل المهني داخل السجون، وإعادة تأهيل النزلاء، وتطوير البنية التحتية للمؤسسات العقابية.
كما تعمل الدولة على سن قوانين جديدة تدعم مفاهيم العدالة التصالحية، وبدائل الحبس، وتقليل فترات الحجز الاحتياطي، بما يضمن كفاءة أكبر للعدالة وتخفيف الأعباء عن المؤسسات العقابية.
قرار العفو الرئاسي في ذكرى ثورة 30 يونيو ليس مجرد إجراء قانوني، بل تعبير عن فلسفة إنسانية عميقة تؤمن بها الدولة المصرية: “العدالة ليست انتقامًا.. بل وسيلة لتصحيح المسار”. وفي ظل هذه الرؤية، يستعيد العشرات من المواطنين حريتهم، وتُمنح لهم فرصة للعودة إلى المجتمع كأشخاص فاعلين ومنتجين.