نصر كاشف لامريح:فوز زهران مامداني وفضح قبح الاسلاموفوبيا السياسية في امريكا
فوز زهران مامداني: انتصار تقدمي يكشف عن قبح الإسلاموفوبيا في السياسة الأمريكية

كشفت الكاتبة البريطانية نسْرين مالك، في مقال بالغ القوة، أن فوز السياسي التقدمي زهران مامداني في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة نيويورك لا يمثل مجرد انتصار انتخابي، بل هو لحظة كاشفة لحجم القبح الكامن في أوساط النخبة السياسية والإعلامية الأمريكية. فبينما رأى البعض في فوزه قصة أمل لشاب مسلم يساري تغلب على المؤسسات التقليدية وحملات التشويه، تعامل آخرون معه على أنه “تهديد وجودي” للهوية الأمريكية، ما فجّر سيلاً من الهجمات العنصرية والإسلاموفوبية. وبينما تجاهلت قيادات الحزب الديمقراطي هذه الحملة المشينة، تصاعدت أصوات يمينية وصفته بالإرهابي والمتعاطف مع حماس. ومع ذلك، ظل مامداني ثابتًا في مواقفه، رافضًا أن يقدّم اعتذارات مُهينة ليكون “مقبولًا” في الفضاء العام. فوز مامداني، برأي مالك، لا يخيف المؤسسة لأنه مسلم فحسب، بل لأنه تقدمي يعارض الاحتلال، ويريد تغيير معادلات السياسة والاقتصاد الأمريكية.
تشويه ممنهج لسياسي مسلم رغم اعتداله
لم تمر ساعات على إعلان فوز مامداني حتى انهالت عليه موجة تشويه وسباب من شخصيات سياسية يمينية ومؤيدين لترامب، وصلت حد وصفه بـ”الجهادي” و”المتعاطف مع الإرهاب”، رغم أنه عبّر مرارًا عن رفضه لكل أشكال العنف وحرصه على التعايش وحماية جميع الأقليات.
إقرأ ايضا
بريطانيا قادرة على تحقيق صفر انبعاثات بحلول 2050ولكن بشروط حاسمه
صمت الحزب الديمقراطي يزيد الطين بلة
رغم انتمائه للحزب الديمقراطي، فإن قياداته البارزة مثل تشاك شومر وهاكيم جيفريز لم يصدر عنهما أي موقف دفاعي عن مامداني، ما يكشف تواطؤًا ضمنيًا مع موجة العنصرية ويعكس هشاشة التزام الحزب بحماية تنوعه الداخلي.
التهمة الحقيقية: الجرأة في رفض الإجماع حول إسرائيل
بحسب نسْرين مالك، فإن “جريمة” مامداني الفعلية لم تكن كونه مسلمًا، بل لامتلاكه آراء ناقدة للموقف الأمريكي من إسرائيل، ورفضه المجاهرة بدعمها غير المشروط، كما فعل خصومه الذين وعدوا بجعل تل أبيب أولى محطاتهم الخارجية.
“عالمية الانتفاضة” تُستخدم كفخ سياسي
إحدى أبرز محطات التحريض ضد مامداني كانت رفضه التراجع عن استخدام عبارة “عالمية الانتفاضة”، التي فسّرتها وسائل الإعلام على أنها دعوة للعنف، رغم شرحه المتكرر بأنها تعبير عن التوق للعدالة وحقوق الإنسان في فلسطين.
كل ما ليس تقليديًا يُصنَّف كتهديد
تشير الكاتبة إلى أن شخصية مامداني، كابن لمخرجة هندية وأستاذ جامعي، وذو آراء اقتصادية تقدمية تدعو لفرض ضرائب عادلة وخفض كلفة المعيشة، جعلته هدفًا مضاعفًا. فهو لا يندرج ضمن النمط التقليدي للديمقراطيين، مما جعله “غريبًا” مزدوجًا.
الاعتداء على شخصيته يعكس أزمة أعمق في الخطاب العام
توضح مالك أن الهجوم على مامداني يُمثّل أكثر من مجرد استهداف فردي، بل يعكس ذعر النخبة من إمكانية أن تتحول أصوات المهمشين والمضطهدين إلى تيار شعبي جارف يهدد الإجماع السياسي حول الرأسمالية والدعم المطلق لإسرائيل.
الواقع السياسي لا يرحم حتى الاعتدال
رغم تأكيد مامداني على دعم حق إسرائيل في الوجود وإدانته للعنصرية، إلا أن خصومه أصروا على شيطنته. وهذا يُظهر أن أي مسلم يتبنى آراء سياسية خارج الإطار المسموح به يُعامَل كخطر أمني وليس كمواطن له حق المشاركة.
انكشاف المؤسسة: ما يخيفها ليس مامداني بل ما يُمثّله
ختمت نسْرين مالك بالقول إن فوز مامداني كشف عن هشاشة المؤسسة السياسية التي تفضل الشيطنة على الحوار، وتخاف من اتساع رقعة الوعي الجماهيري. فهو لم ينتصر فقط بصفته فردًا، بل لأنه يمثل جيلًا جديدًا يرفض أن تُختزل السياسات في العِرق والدين، ويُصر على محاسبة من يدعمون الجرائم بحجة “التحالفات”.