“خاص” قانون الإيجار القديم يشعل الغضب في مصر: طرد المستأجرين يهدد السلم المجتمعي وملايين الأسر
تصريحات نارية تتهم البرلمان بتشريد المواطنين وخرق الدستور وتحذر من تهديد مباشر للسلم المجتمعي

في خطوة أثارت عاصفة من الجدل والغضب، صوّت مجلس النواب المصري بالموافقة على قانون الإيجار القديم الجديد، الذي ينص على إنهاء العلاقة الإيجارية وطرد المستأجرين بعد فترات زمنية محددة، ما اعتبره خبراء وسياسيون ضربة موجعة للعدالة الاجتماعية وتهديدًا مباشرًا للسلم المجتمعي.
وجاءت أبرز ردود الفعل من رئيس حزب الجيل الديمقراطي ناجي الشهابي والناشط السياسي شريف الأسواني، الذين وجّها انتقادات حادة لمجلس النواب والحكومة، محذرين من تداعيات كارثية تمس ملايين الأسر المصرية.
ناجي الشهابي: القانون يخالف حكم المحكمة الدستورية العليا
أكد ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن القانون بصيغته الحالية يشكل خطرًا حقيقيًا على السلم المجتمعي، مشددًا على أن المادة الثانية من القانون، التي تنص على إنهاء العلاقة الإيجارية بعد سبع سنوات في الوحدات السكنية وخمس سنوات في غير السكنية، تخالف مضمون حكم المحكمة الدستورية العليا.
وأوضح الشهابي في تصريحات له، أن المحكمة لم تتطرق إلى طرد المستأجرين أو إنهاء العلاقة الإيجارية، بل ركزت فقط على عدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية وطالبت بتحرير الأجرة دون المساس بأمن الأسرة المصرية.
انحياز فجّ للأثرياء وتجاهل للمواطن البسيط
اتهم الشهابي القانون بأنه يمثل انحيازًا صارخًا لفئة قليلة من الأثرياء الذين يسعون لتعظيم مكاسبهم العقارية على حساب ملايين المستأجرين الذين يعيشون في هذه الوحدات منذ عقود.
وأشار إلى أن هؤلاء الملاك اشتروا العقارات بأبخس الأثمان، ويريدون الآن طرد السكان تحت مظلة قانون لا يراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية.
تساؤلات مشروعة حول سرعة إقرار القانون
عبّر الشهابي عن استغرابه من سرعة تمرير القانون، مشيرًا إلى أن رئيس مجلس النواب الدكتور حنفي جبالي كان قد أعلن في جلسة سابقة تأجيل مناقشة القانون بسبب “غياب الرؤية الحكومية”، متسائلًا: “ما الذي تغيّر في يوم واحد؟ وهل ظهرت فجأة رؤية حكومية واضحة؟ وإذا كانت موجودة، فأين تفاصيلها؟”.
دعوة لإرجاء التنفيذ وحوار مجتمعي حقيقي
دعا رئيس حزب الجيل إلى إرجاء تنفيذ المواد المتعلقة بإنهاء العلاقة الإيجارية، مع الالتزام فقط بتطبيق حكم المحكمة الدستورية بشأن تحرير الأجرة.
وكما طالب بـ”فتح حوار مجتمعي جاد يشارك فيه جميع الأطراف المعنية لإيجاد حلول عادلة ومتدرجة تحفظ حقوق المالك ولا تنتهك أمان المستأجر”.
شريف الأسواني: طعنة في ظهر الأسر محدودة الدخل
من جانبه، شنّ الأستاذ شريف الأسواني، منسق عام شباب أسوان ورئيس منظمة “رواد مصر”، هجومًا لاذعًا على التعديلات، واصفًا إياها بـ”الخاطئة والمجحفة”، ومتهمًا نواب الأغلبية بأنهم “شردوا المواطنين بالموافقة على هذا القانون”.
وقال الأسواني: “ما حدث في البرلمان اليوم هو طعنة في ظهر الأسر الفقيرة، التي ستجد نفسها فجأة بلا مأوى، في وقت تعاني فيه البلاد من ظروف اقتصادية صعبة وارتفاع جنوني في أسعار الإيجارات والعقارات”.
البرلمان تجاهل صوت الشارع
أعرب الأسواني عن أسفه لما وصفه بـ”تجاهل صوت المواطن البسيط”، مضيفًا: “كنا نأمل أن يكون البرلمان صوتًا للناس، وأن يعكس الواقع المعيشي الصعب، لا أن يتحول إلى منصة لتشريد الآلاف”.
وتابع: “تعديلات بهذا الحجم والحساسية يجب ألا تتم دون دراسة مجتمعية دقيقة ومشاركة شعبية حقيقية”.
الحكومة أخفقت في حماية المواطنين
وجّه الأسواني انتقادًا صريحًا للحكومة، قائلًا إنها “أخفقت في دورها بحماية محدودي الدخل من تداعيات القانون”، معتبرًا أن الحكومة لم تقدّم حلولًا واقعية لحماية الأسر التي ستُجبر على مغادرة مساكنها دون بدائل واضحة أو دعم اجتماعي.
دعوة لتجميد القانون وتقديم بدائل إنسانية
واختتم الأسواني تصريحه بدعوة عاجلة للحكومة إلى إعادة النظر في القانون وتجميد العمل به مؤقتًا، مشددًا على أهمية إيجاد بدائل إنسانية تحفظ كرامة المواطن وتمنحه حق السكن الآمن.
وقال: “السكن ليس رفاهية، بل حق أساسي لا يمكن التهاون فيه، وعلى الدولة أن توازن بين حقوق جميع الأطراف دون أن يكون الثمن هو تشريد المواطن”.
أزمة تحتاج إلى حلول عادلة وشاملة
تُظهر هذه التصريحات أن أزمة الإيجار القديم ليست مجرد خلاف قانوني، بل هي أزمة اجتماعية واقتصادية عميقة تهدد الاستقرار الأسري لملايين المواطنين.
والحل لا يمكن أن يكون بالترحيل القسري ولا بالإقصاء المفاجئ، بل يتطلب رؤية وطنية شاملة تقوم على الحوار، التدرج، وتقديم حلول سكنية بديلة تحفظ الكرامة وتحقق العدالة.
ويُعد تعديل قانون الإيجار القديم اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة على تحقيق التوازن بين المالك والمستأجر، دون الإخلال بمبادئ العدالة الاجتماعية والحق في السكن.
ويبدو أن الصوت المعارض لتلك التعديلات يزداد يومًا بعد يوم، ما يستدعي وقفة جادة من البرلمان والحكومة لإعادة التقييم، قبل أن تتحول الأزمة إلى شرخ في نسيج المجتمع المصري.