محاكمة “ديدي”: دليل جديد على عجز النظام القضائي عن التعامل مع العنف الأسري
نظام عدالة مشلول أمام سلطة المال والنفوذ

تقول الصحفية أروا معداوي إن قضية شون “ديدي” كومبس، المغني ورجل الأعمال الأمريكي، تمثل حالة صارخة لعجز النظام القضائي الأمريكي عن التعامل الجاد مع جرائم العنف الأسري والسيطرة القسرية، خاصة عندما يكون المتهم رجلًا ثريًا ونافذًا.
ورغم أن المحاكمة استمرت سبعة أسابيع وشهدت شهادات صادمة عن إجبار نساء – من بينهن شريكته السابقة كاساندرا “كاسي” فينتورا – على الانخراط في ممارسات جنسية مذلة ضمن ما وصفته النيابة بـ”حفلات الشذوذ القسري”، إلا أن الحكم جاء مخيبًا لآمال كثيرين: تمت تبرئة ديدي من التهم الفيدرالية الأشد مثل “الاتجار بالبشر” و”التآمر على تشكيل شبكة إجرامية”، في حين أدين فقط بتهم أقل تتعلق بنقل أشخاص عبر الولايات لأغراض غير قانونية.
محاكمة على التهم… لا على السلوك
توضح معداوي أن المحاكمة لم تكن حول “كون ديدي شخصًا عنيفًا أو مسيئًا”، رغم توفر أدلة على ذلك، بينها مقطع فيديو شهير يظهره يعتدي بعنف على كاسي. بل كانت المحاكمة تدور حول تهم تقنية لم تستطع النيابة العامة إثباتها بالأدلة المطلوبة، ما يعكس قصور القوانين الحالية في معالجة نمط معقد من الإيذاء، كالعنف النفسي والسيطرة السامة.
قوانين قديمة أمام سلوكيات حديثة
السبب في استخدام تهم “الاتجار بالبشر” في هذه المحاكمة، بحسب مقال USA Today، هو أن هذه التهم توفر فترة تقادم أطول، وعقوبات أشد، وتلقى تعاطفًا عامًا أكبر مقارنة بتهم العنف الأسري، التي تظل في كثير من الولايات الأمريكية محدودة من حيث التعريف والمحاسبة، خاصة حين يتعلق الأمر بالسيطرة القسرية أو الإكراه العاطفي.
الرأي العام.. في صالح الجناة؟
المقال ينتقد بشدة تعامل بعض وسائل الإعلام مع القضية، خصوصًا “واشنطن بوست” التي وصفت ديدي بأنه “منتج موسيقي تحول إلى غاتسبي العصر الحديث”، في إشارة إلى شخصية ف. سكوت فيتزجيرالد الشهيرة، وهو ما يُضفي على السلوك الإجرامي طابعًا رومانسيًا أو متمردًا بدلًا من تسليط الضوء على أبعاده الإجرامية.
بل إن بعض الحاضرين لجلسة النطق بالحكم ارتدوا قمصانًا كُتب عليها: “A Freako is not a RICO”، في سخرية من التهم الموجهة له.
عودة ممكنة رغم كل شيء؟
ما يزيد من قتامة المشهد، هو أن احتمالية عودة ديدي إلى الحياة العامة ليست مستبعدة، خصوصًا إذا ما أعيد انتخاب دونالد ترامب الذي لمّح بإمكانية إصدار عفو عنه. تشير معداوي إلى أن أمثلة عديدة – مثل استمرار كريس براون في الغناء رغم إدانته بضرب ريهانا، أو تعاون برايم فيديو مع المخرج بريت راتنر رغم اتهامات التحرش ضده – تثبت أن المال والعلاقات يمكن أن تعيد تدوير الجناة إلى الأضواء بسهولة.
خاتمة: عدالة غير متكافئة
تختتم معداوي مقالها برسالة ساخرة لكنها عميقة: “إذا كان بإمكانكم مناداة شون كومبس بأسماءه المتعددة — ديدي، بَف دادي، لاف — فلماذا تصعب عليكم مناداة الناس بالضمائر التي يفضلونها؟”
هذه المحاكمة، تقول الكاتبة، ليست مجرد مشهد إعلامي، بل دليل إضافي على فشل البنية القضائية والاجتماعية في التعامل مع جذور العنف الذكوري المعاصر — وخصوصًا عندما يرتدي بدلة فاخرة، ويتنقل بين اليخوت والحفلات، بينما تظل الضحايا حبيسات الصمت والتجاهل.