فن وثقافة

آن ريد في التسعين: “الحياة بدأت بعد الستين.. ولا شيء يوقفني الآن

آن ريد في التسعين

 

بعد مسيرة فنية امتدت لأكثر من سبعين عامًا، تؤكد آن ريد أن أجمل إنجازاتها حدثت بعد بلوغها 68 عامًا. من الأدوار الجريئة إلى الوقوف على خشبة المسرح يوميًا في سن التسعين، تكشف الممثلة البريطانية عن شغف متقد بالحياة، وعن شجاعة نادرة في مواجهة العمر، والندم، والرغبة، وحتى مشاهد الجنس مع دانيال كريغ.

في لقاء صريح مع صحيفة الغارديان، تصف آن ريد نفسها بوضوح: “لا يمكنك أن تكون أكثر نضجًا مني وأنت لا تزال على قيد الحياة، أليس كذلك، عزيزي؟”. بهذه العبارة الساخرة والذكية، تختصر الممثلة البريطانية المخضرمة فلسفتها في الحياة والعمل، وهي تحتفل ببلوغها التسعين بجولة مسرحية وطنية تلعب فيها دور الملكة إليزابيث الثانية في مسرحية By Royal Appointment.

من أدوار المطبخ إلى عرش الملكة

لطالما عانت آن ريد من تصنيفها كممثلة لأدوار نساء الطبقة العاملة. في شبابها، لم تكن تلفت انتباه المخرجين، وفي منتصف عمرها ظلت حبيسة الأدوار الثانوية. لكنها الآن تجسد الملكة بعمق ومزاج متعدد الأوجه: حنونة ومؤلمة، ساخرة ووطنية، مليئة بالحنين، بل وحتى بالشهوة. تقول آن بامتنان: “لقد قضيت عمري أرتدي المريلة، ولا يمكنك أن تصعد أكثر من تجسيد الملكة”.

الصحافة في دمها.. لكن الفن كان النداء الأقوى

ولدت ريد لعائلة صحفية من الطراز الرفيع، والدها كان مراسلاً أجنبيًا، وأحد أشقائها كتب في الديلي ميل. لكنها اختارت طريق الفن. أُرسلت لمدرسة داخلية في ويلز حيث فقدت لهجتها الجوردي وتعلمت الإلقاء، وتم قبولها لاحقًا في الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية (RADA)، حيث برزت مبكرًا كموهبة متميزة.

النجومية المؤجلة.. والبداية الحقيقية في الستين

تقول ريد إن النجاح الحقيقي جاء متأخرًا. بعد دورها في مسلسل “كورونيشن ستريت” في الستينيات، الذي انتهى بموتها الكوميدي الشهير عبر مجفف شعر، شعرت بالملل والاختناق. بعد وفاة زوجها بيتر إكرسلي في سن مبكرة، توقفت عن العمل لسنوات لتربية ابنها مارك. لكنها عادت في الستينيات من عمرها لتبدأ رحلة جديدة، بدعم من الكاتبة فيكتوريا وود التي منحتها دورًا في Dinnerladies. وتقول: “منذ ذلك الحين، الأمور أصبحت أفضل.. ثم أفضل.. ثم أفضل”.

“الأم”: الفيلم الذي قلب حياتها رأسًا على عقب

في عام 2003، صدمت ريد جمهورها بفيلم The Mother، الذي أدت فيه دور امرأة ستينية تقع في علاقة عاطفية وجنسية مع شاب يصغرها بـ33 عامًا (دانيال كريغ). كانت المشاهد جريئة، لكنها نفذتها باحساس مؤلم وواقعي عن الوحدة والرغبة في الشيخوخة. تقول: “قال لي المخرج إنهم لم يختاروا جولي كريستي لأن الجميع يريد النوم معها.. أرادوا شخصًا لا يلاحظه أحد في السوبرماركت. يا له من لطف!”. ثم تضحك.

الجسد والرغبة في العمر الثالث

رغم تحفظها على بعض مشاهد الفيلم، تقول آن ريد إنه كان مهمًا لإثبات أن الرغبة لا تنتهي مع تقدم العمر. وتضيف اليوم، وهي في التسعين: “لا، لم أعد أفكر في الأمر. سيكون ذلك سخيفًا الآن. لكنني أؤمن بأن الشغف لا يزول، سواء كان شغفًا بالحب أو الفن أو السفر”.

الإيجابية كخطة حياة

تغضب ريد من الأشخاص الذين يظنون أن الستين نهاية الطريق. “سائق تاكسي قال لي: ’كل شيء انتهى الآن‘، وكان في الستينات. فقلت له: إذا لم تكن بحاجة إلى تلك السنوات، فأعطني إياها! لأن أجمل ما حدث لي كان بعد سن 68”. تنضح طاقتها من كل كلمة. هي لا تكتفي بالتمثيل، بل تخطط لتقديم عرض كاباريه خاص، وتكتب مذكراتها، وتحلم بأخذ المسرحية إلى نيويورك.

الوحدة عن قناعة

منذ وفاة زوجها، لم تتزوج ريد مرة أخرى. “أحب أن أكون بمفردي. أستطيع العزف على البيانو في الثانية صباحًا، أو السفر إلى نيويورك دون استئذان. لدي أصدقاء رائعون، وأنا حرة.. ولا شيء يعادل ذلك”.

الرغبة في الضحك.. حتى النهاية

ترفض آن ريد فكرة التقاعد بشدة. في كل ليلة من الجولة المسرحية، تسهر مع أصدقائها من الممثلين، وتتبادل القصص والضحكات. تقول إن المخرج دومينيك درومغول يقلق عليها: “يقول لي دائمًا: ’اذهبي للنوم!‘ لكنه لا يفهم أن هذا هو نصف المتعة”.

الوصية الأخيرة

وهي تودع الصحفي، تضحك آن ريد وتقول: “إذا كتبت عني شيئًا سيئًا، سأضع قنبلة في صندوق بريدك وأفجّر بيتك”. ثم تهمس وهي تغني: “I’m gonna live forever, I’m gonna learn how to fly!”

اقرأ ايضا

هل “معاملة الأميرة” مجرد نزوة رومانسية… أم خطر ناعم يعيد إنتاج التمييز ضد النساء

 

منةالله خيري

صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى