تهجير سكان غزة يتواصل… ورفح تتحول إلى نقطة عبور
معسكرات تحت غطاء إنساني تمهيدًا لترحيل جماعي من غزة

خطة إسرائيل لتهجير سكان غزة باتت تمضي قدمًا بخطوات عملية، بعد أن أمر وزير الدفاع الإسرائيلي، إيلي كاتس، الجيش بالتحضير لإقامة ما أسماه “مدينة إنسانية” على أنقاض مدينة رفح، بهدف استيعاب مئات الآلاف من سكان القطاع.
الخطة التي وُصفت من قبل خبراء القانون الدولي بأنها جريمة ضد الإنسانية، تثير قلقًا متزايدًا حول الأهداف الحقيقية خلف ما يبدو كمشروع إغاثي، لكنه في الواقع يخفي نوايا التهجير الجماعي الدائم.
صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية كشفت أن خطة إسرائيل لتهجير سكان غزة تتضمن نقل ما يصل إلى 600 ألف فلسطيني – معظمهم من المهجّرين في منطقة المواسي – إلى مخيم ضخم سيتم إنشاؤه داخل رفح، وسط إجراءات صارمة للفحص الأمني، ومنع لاحق للخروج من هذا “المعسكر الإنساني”.
ترحيل مقنّع وتجهيز لخروج نهائي
لم يكن حديث كاتس عن إقامة “مدينة إنسانية” سوى تمهيد لتطبيق ما وصفه بـ”خطة الهجرة”، والتي قال بوضوح إنها “ستحدث”، في إشارة صريحة إلى نية الحكومة الإسرائيلية ترحيل السكان بشكل دائم خارج القطاع.
وتلقى هذه الخطة دعمًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي روّج لها مرارًا، كما حظيت بتأييد ضمني من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي اقترحت سابقًا إنشاء “مؤسسة غزة الإنسانية” بتمويل يناهز 2 مليار دولار رغم نفي الجهة المعلنة تقديم خطة رسمية.
قانون دولي مُعلّق.. وخبراء: جريمة مكتملة الأركان
الخبير القانوني الإسرائيلي ميخائيل سفارد وصف ما يحدث بأنه خطة إسرائيل لتهجير سكان غزة تحت غطاء “الإغاثة”، مؤكدًا أنها تمثل جريمة ضد الإنسانية.
وأوضح أن التهجير الداخلي ثم الخارجي يمثل جريمة حرب، وعندما يُنفذ على نطاق واسع، كما يحدث الآن، فإنه يرتقي إلى جريمة ضد الإنسانية في القانون الدولي.
سفارد شدّد على أن الوضع في غزة لا يسمح باعتبار الترحيل “طوعيًا”، خاصة مع غياب الأمان الغذائي، والانهيار الصحي، والممارسات العسكرية العنيفة.
كما أشار إلى تناقض تصريحات كاتس مع ما جاء في رسالة من مكتب رئيس الأركان، زعمت أن عمليات النزوح الداخلي تمت لـ”حماية المدنيين”.
رفح تحت الخطر: معسكرات لا مدن
أستاذ تاريخ الهولوكوست في الجامعة العبرية، أموس غولدبرغ، اعتبر المشروع “تطهيرًا عرقيًا واضحًا”، مؤكدًا أن ما يُبنى في رفح ليس مدينة، بل “معسكر عبور لترحيل الفلسطينيين”.
وأوضح أن المدينة الحقيقية تتضمن حياة مدنية متكاملة: فرص عمل، تعليم، حركة حرة، مرافق، خدمات، وكلها غير موجودة ولن تكون كذلك في ما يُخطط له.
وأضاف: “لن يكون هناك شيء يُبقي الناس فيه طواعية، بل سيكون مكانًا معزولاً، يُستخدم لاحقًا كمرحلة أولى في التهجير الجماعي خارج حدود غزة”.
ماذا لو رفضوا الدخول؟
طرح غولدبرغ سؤالاً جوهريًا: “ماذا إذا رفض الفلسطينيون دخول هذا المعسكر؟ هل سيتم إجبارهم؟ هل سيُقمعون؟”.
وأشار إلى أن هذا ليس مجرد افتراض نظري، بل سيناريو مرجّح جدًا في ظل فهم السكان للمصير الذي يُرسم لهم.
مشروع التهجير في السياق: خطوات على الأرض ودعم سياسي
الخطة تأتي في وقت حرج، تزامنًا مع زيارة نتنياهو لواشنطن واشتداد الضغط الدولي من أجل وقف إطلاق النار، بعد أكثر من 21 شهرًا من الحرب المستمرة.
وتقارير عدة تؤكد أن تطبيق المشروع قد يبدأ خلال فترة التهدئة المؤقتة، بينما تستمر الحكومة الإسرائيلية في البحث عن دول قد تستقبل المرحّلين، في إطار مشروع تدويل التهجير القسري.
في الداخل الإسرائيلي، يلقى المشروع دعمًا من وزراء متطرفين مثل بتسلئيل سموتريتش، الذين يدفعون باتجاه إعادة بناء مستوطنات إسرائيلية داخل غزة، ما يعكس النية الواضحة بإحداث تغيير ديموغرافي دائم.