مشروع ترامب الكبير والجميل :مكاسب ضخمة للأموال الخاصة…وخسائر فادحه لتيسلا والذكاء الاصطناعي
"قانون ترامب: مكاسب ضخمة للأثرياء وخسائر فادحة للبيئة والتكنولوجيا"

في أولى خطوات ولايته الثانية، أطلق دونالد ترامب مشروع قانون اقتصادي ضخم وصفه بـ”الكبير والجميل”، ويمثل نقطة تحول في توجهات الإنفاق والضرائب الأمريكية. وبينما يحتفل به قطاع المال والطاقة التقليدية، يقف عمالقة التكنولوجيا والطاقة المتجددة على الجانب الخاسر من المعادلة. القانون يعكس توجهًا واضحًا نحو دعم القطاع الخاص التقليدي، على حساب السياسات البيئية والتنظيمية التي ميّزت عهد جو بايدن.
وول ستريت تحتفل: أرباح طائلة لرأس المال الخاص
أبرز الفائزين هم عمالقة الاستثمار مثل بلاكستون وأبولو، بعد أن أبقى القانون على “ثغرة الفائدة المُحمّلة” (carried interest loophole) التي تسمح لمديري الصناديق بدفع ضرائب منخفضة على أرباحهم. كما منح القانون إعفاءات ضريبية موسعة للشركات المدعومة بالديون، ما يمنح تفوقًا إضافيًا لمجموعات الأسهم الخاصة.
“إنه قانون ممتاز لأصحاب رؤوس الأموال الخاصة”، بحسب مايكل بيدروني، مسؤول سابق في الخزانة الأمريكية.
وفي ضربة موجعة للرقابة، تم تخفيض ميزانية مكتب حماية المستهلك المالي إلى النصف، ما اعتبره المصرفيون انتصارًا على هيئة طالما انتقدوها.
الطاقة المتجددة تخسر.. الفحم يعاود الصعود
في تناقض صارخ مع توجهات إدارة بايدن، تراجعت الإعفاءات الضريبية المخصصة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسيارات الكهربائية. وبحلول نهاية سبتمبر، سيتم إلغاء حوافز الشراء التي تعتمد عليها شركات مثل تيسلا.
بالمقابل، نجا الفحم من الإهمال، بل حصل منتجوه على حوافز ضريبية حتى عام 2029. كما احتفظت مصادر الطاقة “المقبولة” مثل الطاقة الحرارية الجوفية والطاقة النووية بإعفاءات واسعة.
أزمة متوقعة في قطاع التكنولوجيا
أكبر الخاسرين بعد شركات السيارات الكهربائية، كانت شركات الذكاء الاصطناعي. إذ فشل لوبي الشركات الكبرى – مثل أمازون وغوغل ومايكروسوفت – في تمرير مقترح لتجميد تنظيمات الذكاء الاصطناعي لعشر سنوات. وبدلاً من ذلك، يواجه القطاع الآن موجة من التشريعات على مستوى الولايات، على رأسها قانون مرتقب في نيويورك يلزم الشركات بنشر تقارير شفافية أو مواجهة الغرامات.
القانون لا يكتفي بإضعاف الحوافز المالية، بل يعمّق الشكوك التنظيمية، ما يهدد البيئة الابتكارية للشركات الناشئة.
تسهيلات لمطاعم ومحلات.. وضرر للفقراء
في قطاع التجزئة، رحّبت المطاعم بإعفاء ضريبي على البقشيش يصل إلى 25 ألف دولار سنويًا. كما تم إلغاء الإعفاء الجمركي على الشحنات الصغيرة من الخارج، ما يصب في مصلحة المتاجر المحلية ويضرب مواقع مثل أمازون وتيمو وشين.
لكن الأثر الاجتماعي جاء قاسيًا: تم خفض نحو 9 مليارات دولار من ميزانية برنامج المساعدات الغذائية (Snap)، ما يهدد قدرة المتاجر الصغيرة في الأحياء الفقيرة على الاستمرار، حسب تحذير الجمعية الوطنية للبقالة.
انتعاشة دفاعية.. و”القبة الذهبية” تدخل الخدمة
من أكثر البنود تكلفة في مشروع القانون، الزيادة الكبيرة في ميزانية الدفاع الأمريكي، بإجمالي 150 مليار دولار إضافية، منها 23 مليارًا لتشييد مشروع “القبة الذهبية” للدفاع الصاروخي. ويُتوقع أن تستفيد من ذلك شركات كبرى مثل لوكهيد مارتن، وRTX، وشركات ناشئة واعدة مثل Anduril.
ضغوط على الجامعات النخبوية
القانون فرض ضريبة تصل إلى 8% على أرباح الاستثمارات في الجامعات التي تزيد قيمة الوقف الخاص بها عن 2 مليون دولار لكل طالب. وتشير التقديرات إلى أن هارفارد ستكون الأكثر تضررًا، بخسائر تصل إلى 267 مليون دولار سنويًا. كما ستؤدي تغييرات القروض الطلابية وخفض الدعم الغذائي والصحي إلى تقليص تمويل الجامعات العامة.
خلاصة: قانون منحاز بوضوح للرأسمالية التقليدية
القانون الذي وصفه ترامب بـ”الكبير والجميل”، يعكس انحيازًا واضحًا إلى قطاعات المال والطاقة التقليدية، ويعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية للولايات المتحدة. وإذا كانت السوق المالية قد رحّبت به، فإن آثاره الاجتماعية والبيئية قد تكون بعيدة المدى، وتشعل جدلاً واسعًا حول مستقبل الابتكار، والعدالة الاجتماعية، ودور الحكومة في الاقتصاد.