مشروع الغاز في ألاسكا: فرصة طاقية واعدة تحت رحمة البيئة والتكاليف.
خط أنابيب الغاز الطبيعي المسال بألاسكا يثير اهتماماً عالمياً ويواجه تحديات بيئية ومالية تهدد تنفيذه.

مع تزايد الحاجة إلى مصادر طاقة أكثر أمناً وتنويعاً، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز موقعها كمصدر عالمي موثوق للغاز الطبيعي. وتبرز ولاية ألاسكا كمرشحة مثالية بفضل موقعها الجغرافي وقربها من الأسواق الآسيوية.
مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي المسال، الذي يمتد من شمال الولاية إلى جنوبها، يهدف لتلبية الطلب المحلي وتصدير الغاز مستقبلاً، ما يمنح المشروع أبعاداً اقتصادية وجيوسياسية هامة.
تنفيذ على مرحلتين: توازن بين الداخل والخارج
بحسب تصريحات مسؤولي المشروع، فإن تنفيذه سيجري على مرحلتين ماليتين منفصلتين:
المرحلة الأولى: لتأمين احتياجات السوق المحلي من الغاز.
المرحلة الثانية: تتعلق ببناء البنية التحتية لتصدير الغاز الطبيعي المسال للأسواق العالمية.
هذا النهج المرحلي يمنح المشروع مرونة مالية ويساعد في تقييم مدى نجاح المرحلة الأولى قبل المضي في الاستثمار الأضخم.
موقع جغرافي مثالي للأسواق الآسيوية
ما يميز المشروع عن غيره هو قرب ألاسكا من أسواق الطاقة الكبرى في آسيا مثل اليابان وكوريا الجنوبية والصين، ما يقلل تكاليف النقل واختصار مدة الشحن مقارنةً بمرافئ التصدير الأخرى في أميركا الشمالية.
هذا القرب الجغرافي يجعل من المشروع خياراً مغرياً لشركاء آسيويين يسعون لتنويع إمداداتهم من الغاز.
بيئة قاسية وبنية تحتية معقدة
الموقع الجغرافي المميز يقابله تحدٍ كبير: بيئة ألاسكا القطبية.
يتطلب نقل الغاز من الشمال إلى الجنوب مد خط أنابيب بطول 800 ميل (نحو 1,280 كم) عبر مناطق جغرافية شديدة البرودة وحساسة بيئياً.
التكاليف الباهظة لإنشاء وصيانة هذا الخط في مثل هذه الظروف تضيف عبئاً ثقيلاً على المشروع، خاصة مع الضغوط البيئية المتصاعدة عالمياً بشأن الانبعاثات.
تحديات بيئية وانبعاثات مقلقة
من بين أبرز العقبات التي تواجه المشروع، ضرورة الالتزام بالمعايير البيئية، خاصةً فيما يتعلق بالانبعاثات الكربونية عبر سلسلة الإنتاج:
استخراج الغاز.
معالجته.
تسييله.
نقله عبر المحيط.
في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة، سيكون على المشروع إثبات توافقه مع الأهداف المناخية لضمان قبوله دولياً.
الكلفة محل شكوك والشفافية مطلوبة
رغم الإقرار بأن المشروع “باهظ لكنه ممكن”، تبقى تقديراته المالية غامضة إلى حد ما.
غياب الوضوح بشأن كيفية احتساب الكلفة الإجمالية يقلق المستثمرين والمستوردين المهتمين، ما يفرض ضرورة أكبر للشفافية والتوضيح بشأن آليات التسعير والمخاطر المتوقعة.
المرحلية قد تخفف من أعباء التمويل
الاعتماد على تنفيذ مرحلتين ماليتين قد يكون حلاً واقعياً يساعد في احتواء التكاليف.
فنجاح المرحلة الأولى محلياً قد يعزز ثقة المستثمرين ويمهد الطريق للحصول على تمويلات للمرحلة الثانية الخاصة بالتصدير.
كما أن التجربة التشغيلية الأولية ستكون مؤشراً عملياً على جدوى المشروع التقنية والاقتصادية.
منافسة عالمية شديدة في سوق الغاز
مشروع ألاسكا يدخل سوقًا يعج بالمنافسين:
مشاريع راسخة في قطر وأستراليا.
توسعات واعدة في دول شرق أفريقيا.
بدائل أميركية أخرى أقل تكلفة من حيث البنية التحتية.
لذلك، يجب أن يتميز مشروع ألاسكا بالموثوقية، وضوح الجداول الزمنية، والاستدامة البيئية لجذب المشترين الدوليين في آسيا وأوروبا.
فرصة تاريخية أو طموح مكلف؟
في النهاية، يمثل المشروع نقطة تحوّل محتملة في خريطة الطاقة العالمية.
نجاحه قد يعزز مكانة الولايات المتحدة كمصدر موثوق للغاز، خاصة في الأسواق الآسيوية.
أما فشله، فسيكون درساً قاسياً في إدارة المشاريع العملاقة في بيئات صعبة ومناخ عالمي متقلب اقتصادياً وبيئياً.
أقرأ أيضاً: