في ظل اشتداد التحديات الأمنية التي تواجهها أوروبا بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت فرنسا وبريطانيا رسميًا استئناف إنتاج أحد أهم الأسلحة الدقيقة في ترسانتهما الدفاعية: صاروخ SCALP المعروف في بريطانيا باسم Storm Shadow. الإعلان جاء خلال زيارة رسمية لوزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو إلى منشأة شركة MBDA في بريطانيا، ليكون هذا الاستئناف أول طلب إنتاج جديد لهذا الصاروخ منذ أكثر من عقد ونصف.

 

يُعد هذا القرار مؤشرًا واضحًا على تغيّر أولويات الصناعات الدفاعية الأوروبية، واستجابة مباشرة للدروس القاسية التي كشفتها الحرب في أوكرانيا بشأن الحاجة لأسلحة هجومية دقيقة وبعيدة المدى.

 

رسالة ردع جديدة من باريس ولندن

أشاد وزير الدفاع الفرنسي بفعالية الصاروخ في المعارك الحديثة، ووصفه بأنه أحد أبرز رموز القوة الدفاعية الأوروبية. وأكد خلال زيارته إلى منشأة MBDA أن الصاروخ لعب دورًا حاسمًا في المعارك التي شهدتها أوكرانيا، خاصة ضد المنشآت الروسية المحصنة، مشيرًا إلى أن “استئناف الإنتاج يضمن بقاء المخزونات الاستراتيجية للدول الحليفة في وضع آمن”.

 

سلاح أثبت كفاءته في حرب أوكرانيا

حاز صاروخ SCALP/Storm Shadow على اهتمام واسع خلال العام الماضي بعد استخدامه من قبل القوات الأوكرانية لضرب مراكز القيادة الروسية والقواعد البحرية في شبه جزيرة القرم. وبفضل مداه البالغ أكثر من 250 كيلومترًا وتصميمه الذي يصعب رصده، تمكن من تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف حساسة خلف خطوط العدو.

 

تحوّل في استراتيجيات التصنيع الدفاعي

قرار استئناف الإنتاج لا يقتصر على الجانب العملياتي فحسب، بل يعكس أيضًا وعيًا أوروبيًا متزايدًا بضرورة تعزيز القدرات الذاتية في مجال الصناعات الدفاعية، خصوصًا بعد استنزاف كميات كبيرة من الذخائر خلال دعم أوكرانيا. ويأتي ذلك في إطار تحركات أوسع لإعادة بناء المخزونات العسكرية الأوروبية.

 

MBDA نموذج للتكامل الصناعي الأوروبي

شركة MBDA، وهي مشروع مشترك بين فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، تقف اليوم في واجهة الصناعات الدفاعية الأوروبية، ويُتوقع أن يسهم استئناف إنتاج SCALP/Storm Shadow في فتح الباب أمام طلبات جديدة من دول أوروبية أخرى تسعى لتعزيز قدراتها الهجومية طويلة المدى.

 

صاروخ يفرض معادلات جديدة في الميدان

ما يميز هذا النوع من الصواريخ ليس فقط مداه البعيد، بل دقته في ضرب الأهداف شديدة التحصين، ما يجعله سلاحًا فعالًا في الحروب الحديثة التي تتطلب تدمير مراكز القيادة والاتصالات دون الدخول في مواجهات مباشرة. وهو ما أثبتته عمليًا القوات الأوكرانية التي استخدمته ضد منشآت عسكرية روسية.

 

الرسالة السياسية: لا مجال لتراخي الغرب

إلى جانب الأهمية العسكرية، يبعث هذا القرار برسالة سياسية واضحة إلى روسيا مفادها أن الغرب، رغم التحديات، لا يزال قادرًا على الردع والتصعيد إذا لزم الأمر. فاستئناف إنتاج هذا السلاح المتقدم يعني استعدادًا طويل الأمد لمواجهة نزاعات مستقبلية.

 

خاتمة: سلاح للمستقبل

في ظل المخاوف المتزايدة من توسع رقعة الصراعات المسلحة، يمثل صاروخ SCALP/Storm Shadow نموذجًا للسلاح الذي يجمع بين الدقة والمدى والتخفي، وهي مواصفات تجعل منه ركيزة أساسية في أي استراتيجية دفاعية حديثة. ومع عودة الإنتاج، تكون أوروبا قد خطت خطوة مهمة نحو استعادة زمام المبادرة العسكرية.

اقرأ أيضاً

فاينشال تايمز : أبل تقتحم عالم الفورمولا 1:نجاح فيلم براد بيت يشعل سباق البث مع ESPN