قطع الوقود فجأة أدى لسقوط كارثي لطائرة إير إنديا ومقتل المئات
تقرير أولي يكشف تحركًا غامضًا داخل قمرة القيادة قبل لحظات من السقوط

في واحدة من أسوأ الكوارث الجوية في تاريخ الهند، كشف تقرير أولي صادر عن مكتب التحقيق في الحوادث الجوية أن طائرة “إير إنديا” التي تحطمت في مدينة أحمد آباد في 12 يونيو الماضي، فقدت محركيها بعد ثوانٍ فقط من إقلاعها نتيجة قطع الوقود عنهما. الحادث أسفر عن مصرع 260 شخصًا، من بينهم 19 شخصًا على الأرض، بعدما سقطت الطائرة فوق حي سكني مكتظ. التقرير استند إلى بيانات الصندوقين الأسودين ولم يوجه اللوم إلى شركة بوينغ أو إلى شركة جنرال إلكتريك المصنعة للمحركات، بل ركز على تحركات غير مفسرة للطيارين داخل قمرة القيادة، ما أثار تساؤلات مقلقة حول طبيعة ما حدث.
تحرك غامض لمفاتيح الوقود قبل ثوانٍ من التحطم
أوضح التقرير أن مفتاحي الوقود المسؤولين عن تدفقه إلى المحركين قد حُركا إلى وضعية “الإيقاف الكامل” مباشرة بعد الإقلاع، وهو إجراء نادر لا يتم استخدامه إلا في حالات الطوارئ القصوى أو بعد الهبوط. هذا التحرك الغريب والمفاجئ دفع المحركين للتوقف عن العمل، ما أدى إلى سقوط الطائرة خلال لحظات قصيرة، وفتح بابًا للشكوك بشأن تصرفات الطيارين في تلك اللحظة.

تسجيل صوتي من قمرة القيادة يزيد الغموض
كشفت التسجيلات الصوتية من قمرة القيادة عن حوار مربك بين الطيارين، حيث سمع أحدهم يقول للآخر: “لماذا قطعت؟”، في إشارة إلى مفتاح الوقود، بينما جاء الرد بالنفي. هذه المحادثة أثارت مزيدًا من الغموض ولم تسمح بتحديد هوية المتحدث، ما يشير إلى أن التحقيق لم يصل بعد إلى المسؤول الحقيقي عن هذا الإجراء الخطير.
محاولة متأخرة لإعادة تشغيل المحرك
بعد إدراك ما حدث، حاول الطياران تشغيل أحد المحركين مرة أخرى، وقد استجاب جزئيًا، لكن الوقت كان قد فات. فقد بدأت الطائرة بالفعل في فقدان الارتفاع بسرعة، ما جعل من المستحيل استعادة السيطرة عليها. التحركات كلها جرت خلال ثوانٍ معدودة، مما يرجّح أنها كانت محاولة استدراك متأخرة لإنقاذ الموقف.
سقوط كارثي فوق حي سكني ومبنى جامعي
تحطمت الطائرة خارج محيط مطار أحمد آباد وسقطت مباشرة فوق منطقة سكنية مزدحمة، مما أدى إلى تدمير خمسة مبانٍ ومصرع 19 شخصًا على الأرض. كما اصطدمت بمبنى تابع لكلية طبية كان داخله عشرات الطلاب أثناء الغداء، ما ضاعف عدد الضحايا وعمّق وقع الكارثة في نفوس المواطنين.
اقرا ايضا:
سعر الذهب في مصر .. ارتفاع سعره في منتصف تعاملات اليومية
الناجي الوحيد يصف لحظات الرعب
في شهادة مؤلمة، روى الناجي الوحيد من الحادث، البريطاني فيشواش كومار راميش، تفاصيل اللحظات الأخيرة داخل الطائرة. قال إنه شعر بأن الطائرة “توقفت فجأة في الجو” قبل أن تشتعل الأنوار وتتحطم بقوة. وأضاف: “استطعت فتح حزام الأمان والنجاة عبر فتحة في الهيكل. رأيت الناس يحترقون أمام عيني”.
الخبراء: لا يمكن تحريك المفاتيح بالخطأ
أكد خبراء طيران أميركيون أن مفاتيح الوقود في طائرة “دريملاينر” لا يمكن تحريكها بالخطأ، لأنها مزودة بآليات أمان تمنع ذلك. هذا يدعم احتمال وجود تحرك متعمد، ويطرح تساؤلات حول السلامة النفسية للطيارين أو وجود دوافع غير واضحة قد تكون وراء هذا القرار الخطير.
الطيارون من ذوي الخبرة العالية لكن الأسئلة قائمة
كان قائد الطائرة، الكابتن سميت سبهروال، يبلغ من العمر 56 عامًا ويعمل كمدرب لدى “إير إنديا”، ولديه أكثر من 15 ألف ساعة طيران. بينما مساعده يمتلك خبرة تتجاوز 3 آلاف ساعة. غير أن الخبرة العالية لم تكن كافية لمنع الكارثة، ما يثير تساؤلات حول قدرة الطيارين المخضرمين على التعامل مع الضغط والمواقف الطارئة.
صمت رسمي وتحقيقات طويلة
وفقًا للقوانين الهندية، صدر التقرير الأولي خلال 30 يومًا من وقوع الحادث، إلا أن التقرير النهائي قد يستغرق عدة أشهر. في المقابل، أعلنت “إير إنديا” تعاونها الكامل مع المحققين، لكنها امتنعت عن إصدار أي تعليق، وكذلك فعلت “بوينغ”، في إشارة إلى حساسية القضية وتداعياتها المحتملة على سمعة قطاع الطيران المدني.

تعدد الفرضيات بين الخطأ البشري والتعمد والخلل
حتى هذه اللحظة، لا توجد إجابة حاسمة حول السبب الحقيقي للحادث: هل كان خطأً بشريًا جسيمًا؟ أم فعلًا متعمدًا؟ أم عطلًا نادرًا في نظام الطائرة؟ الغموض الذي يلف اللحظات الأخيرة قبل التحطم، وعدم وجود أي إنذار طارئ أو مؤشر فني واضح، يجعل من هذه الكارثة واحدة من أكثر الحوادث الجوية غموضًا في السنوات الأخيرة.