كارثة عيد الاستقلال: الفيضانات تحوّل ريف تكساس من جنة إلى منطقة منكوبة
كارثة في أمريكا..ارتفاع عدد قتلى فيضانات تكساس

تحوّل حلم العيش في أحضان الطبيعة الخلابة في منطقة “هيل كنتري” بولاية تكساس إلى كابوس حيّ مع اجتياح فيضانات مدمرة صبيحة يوم الاستقلال، الرابع من يوليو. حيث اجتاحت السيول المفاجئة المناطق السكنية والمخيمات الصيفية، وأسفرت عن مقتل أكثر من 120 شخصًا وفقدان العشرات، لتُسجّل الكارثة كواحدة من أشد الكوارث الطبيعية فتكًا في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
قصة جاكلين: من منزل الأحلام إلى ملجأ الناجين
جاكلين وايت، التي انتقلت للعيش على ضفاف نهر “غوادالوبي” منذ عامين، روت كيف تحوّل منزلها إلى أنقاض خلال دقائق. فعند الفجر، اقتلعت مياه السيول كوخها الخشبي ونقلته لمسافة ستة أمتار، تاركة إياه مائلًا كدمية مهملة. نجت جاكلين مع أطفالها وأسرتها، لكنها تقول: “لا أظن أنني أستطيع العيش هناك مجددًا”.
أرواح بريئة تُزهق في معسكر الفتيات
المأساة الكبرى وقعت في معسكر “ميستيك” المسيحي للفتيات في منطقة “هانت”، حيث لقي 27 شخصًا من العاملين والمقيمين مصرعهم نتيجة الفيضانات الجارفة. المشهد هناك يفوق التصور: أشجار ضخمة اقتُلعت، أكواخ خشبية سُحقت، والمياه غمرت كل شيء في طريقها.
اتهامات بالإهمال الرسمي وضعف البنية التحتية
رغم ضخامة الكارثة، لم تسلم السلطات المحلية من الانتقادات، إذ اتهمها البعض بالتقصير في توفير أنظمة إنذار مبكر وتدابير احترازية. ومع ذلك، قال أحد السكان، وودي شامبلس، “من يعيش على ضفاف النهر يعرف مخاطره… لا بد من تحمل المسؤولية”.
مشهد دمار شامل في قلب الريف التكساسي
في بلدتي “هانت” و”إنغرام”، أصبحت الأرض ساحة خراب حقيقية. المسؤولون تحدثوا عن تلال من الحطام بارتفاع يصل إلى 9 أمتار، يُخشى أن تحتوي على جثث أو حيوانات نافقة. علامات ارتفاع المياه تظهر على الأشجار، وسيارات محطمة تكدست على جوانب الطرق.
رياح الأمل وسط الركام: شجاعة تشيريل وأشجار الذاكرة
تشيريل تشامبرز، صاحبة مخيم تأجير عربات سكنية، فقدت ثمانية من أصل تسعة وحدات تملكها. بعض العربات جرفتها المياه بعيدًا، وأشجار السرو العملاقة التي كانت تظلل المكان أصبحت رمادًا أو منحنية بفعل العاصفة. لكنها تؤمن أن المنطقة ستتعافى، وتقول: “جمال هذا المكان لا يمكن إنكاره… سننهض من جديد”.
خسائر اقتصادية فادحة وأزمة تأمين خانقة
وفق تقديرات شركة AccuWeather، تصل خسائر الفيضانات إلى ما بين 18 و22 مليار دولار. الأخطر من ذلك أن أقل من 2% فقط من سكان كير كاونتي مؤمنون ضد الفيضانات. السياسات التأمينية لا تشمل الكوارث الطبيعية بشكل افتراضي، ما يُهدد مستقبل آلاف العائلات المتضررة.
جهود الإنقاذ الشاقة: مئات المتطوعين وسط المستنقعات
يشارك أكثر من 2200 من عناصر الإنقاذ في البحث عن المفقودين بين الأنقاض. تم تقسيم المناطق المتضررة إلى مربعات تمتد كل منها إلى ميلين مربعين، وتستغرق عمليات التمشيط لكل منها أكثر من ثلاث ساعات بسبب تعقيد الوضع وكثافة الحطام.
بطولات يوم الاستقلال: الصلاة وسط المياه
بيتي ماتيسون، سيدة تبلغ من العمر 94 عامًا، قضت ليلة الكارثة في علية منزلها مع سبعة من أفراد عائلتها. قالت إن حفيدها تلا دعاءً، وما لبثت أن بدأت المياه في التراجع. ورغم الأضرار الجسيمة، تؤكد أنها ستبقى: “هذا بيتي… وأنا أحب أشجار السرو في حديقتي الخلفية”.
الخسائر الفردية تقصم الظهر ولكن الإرادة لا تموت
برايان أولسن، صاحب نُزل صغير لتأجير الكبائن ومركز لتربية الكلاب في “إنغرام”، فقد كل ما يملك تقريبًا. يقول: “خسرت نصف مليون دولار خلال 45 دقيقة”. ورغم اختفاء الألبومات والصور والممتلكات، يؤمن أنه لا خيار أمامه سوى إعادة البناء: “من سيشتري هذا المكان الآن؟ يجب أن أبدأ من جديد”.