حوادث وقضايا

غزة خارج حماية القانون الدولي: رفح تحترق والعالم يتواطأ.

تصريحات إسرائيلية تفضح نوايا التهجير والإبادة، في وقتٍ يتراجع فيه القانون الدولي إلى دور المتفرج الصامت.

أثار إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، بشأن إنشاء “مخيم مغلق” في رفح لا يُسمح بالخروج منه، موجة غضب حقوقية واسعة، واعتُبر خطوة إضافية في مسلسل الجرائم ضد الإنسانية. التوصيف الذي تبناه خبراء القانون الدولي يعتبر أن هذه الخطة تندرج ضمن تعريف “معسكرات الاعتقال الجماعي”، حيث يُحاصر المدنيون ويُقطع عنهم الغذاء والدواء والحياة.

 

قانون دولي بلا أنياب: غزة كاشفة الانهيار

ما يحدث في غزة منذ أكتوبر 2023، بحسب مراقبين، لا يُمثل فقط مأساة إنسانية، بل يكشف فشل القانون الدولي في حماية المدنيين أو مساءلة مجرمي الحرب. من النكبة الأولى في 1948 حتى المجازر المعاصرة، لا تزال المعايير القانونية تخضع لمقاييس مزدوجة يحددها ميزان القوى، لا العدالة.

 

أسطورة “الوعد الإلهي”: تبرير الاحتلال باسم الدين

تعود جذور التجاوزات الأخلاقية والسياسية في فلسطين، وفق الكاتب رجا شحادة، إلى رواية تبريرية تقول إن الأرض “وعد إلهي” لشعب دون غيره. هذا التفسير منح الغزاة شعوراً زائفاً بالشرعية الأخلاقية، سمح لهم بارتكاب التطهير العرقي من دون وخز ضمير، وجعل نزع إنسانية الفلسطينيين عملية يومية مستمرة حتى اليوم.

 

من القرار 194 إلى إفلاس العدالة الدولية

رغم صدور عشرات القرارات الأممية بشأن حقوق الفلسطينيين، أبرزها القرار 194 الذي نص على حق العودة، فإن غياب الإرادة السياسية الدولية لتنفيذ هذه القرارات جعل القانون الدولي مجرد “أرشيف للنوايا الطيبة”. النتيجة: غياب الردع، وتكرار الجرائم.

 

الجنائية الدولية: قرارات لا تتجاوز الورق

في لحظة اعتبرها البعض فارقة، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق. لكن غياب أي إجراء فعلي، واستمرار الدعم الغربي لإسرائيل، أكد أن العدالة في هذا السياق رمزية أكثر منها تنفيذية، وأن القانون يخضع لمن يملك حق الفيتو لا لمن يملك الحق.

 

الصمود بدل القانون: فلسفة البقاء في وجه العدم

وسط هذا الانهيار، لم يبقَ للفلسطينيين سوى التشبث بـ”الصمود” كخيار حياة. ليس مجرد شعار مقاومة، بل قرار جماعي بعدم الرحيل، حتى عندما تغيب كل مقومات الحياة. وفي غزة تحديداً، تحوّل الصمود إلى استراتيجية وجود في مواجهة حرب تستهدف كل شيء: البشر، المكان، الذاكرة.

 

ما بعد الحرب: حين تعود الكاميرات وتتكلم الحقيقة

عندما تتوقف الغارات وتُفتح أبواب غزة أمام الصحفيين والمنظمات، ستظهر الرواية الحقيقية. شهادات الناجين، صور الأطفال، قصص الأمهات، لوحات الفنانين، كلها ستشكل أرشيفاً إنسانياً أقوى من أي مرافعة قانونية. هذه الذاكرة ستصبح الدليل الأقسى على عجز العالم وتواطئه.

 

الخليل: جغرافيا الاحتلال بوصفها آلة خنق

مدينة الخليل تقدم نموذجاً آخر، أكثر هدوءاً لكنه لا يقل فظاعة. 900 مستوطن يفرضون واقعاً أمنياً على آلاف الفلسطينيين، عبر أكثر من 100 حاجز ونقطة تفتيش. إنها سياسة الخنق البطيء، تختلف عن الغارات الجوية في غزة، لكنها تسعى للهدف نفسه: إفراغ الأرض من أصحابها.

 

هل تُبعث الحياة في غزة من جديد؟

السؤال الأكبر يبقى: هل يمكن لغزة أن تعود؟ الدمار طال كل شيء، والمجتمع الدولي لم يلتزم بإعادة الإعمار أو وقف التهجير. ومع غياب الأفق السياسي، يلوح التهجير الجماعي القسري كخطر واقعي. لكن، كما حدث مراراً في التاريخ، قد تكون غزة أقوى من موتها المنتظر.

 

خاتمة:

إن ما تكشفه غزة اليوم لا يقتصر على فضح جرائم الاحتلال، بل يفضح أيضاً أزمة النظام الدولي نفسه. بين ازدواجية المعايير، وتسييس العدالة، وتواطؤ صامت من القوى الكبرى، يصبح الفلسطيني أعزل من كل حماية. ومع ذلك، فإن الصمود الشعبي في غزة والخليل وسائر فلسطين يثبت أن الاحتلال قد يملك القوة، لكنه لا يملك الروح.

 

أقرأ أيضاً:

 

حين يُحرَق السلاح… لا يعني أننا خائفون، بل أننا أكبر من الرصاصة!

 

سولين غزيم

سولين غزيم صحفية سورية ، تتميز بقلمها الجريء واهتمامها العميق بالقضايا الإنسانية والاجتماعية. تعمل على تسليط الضوء على هموم الناس بصوت صادق، وتنقل الحقيقة من قلب الحدث بموضوعية وشغف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى