
في الوقت الذي كانت فيه نجمات البوب في العقد الماضي يتحدثن عن الأضرار النفسية للنجومية، ويتبارين في الهروب من الأضواء، تشهد ساحة البوب الآن عودة لافتة لعصر العطش إلى الشهرة، ليس فقط كمكانة بل كلعبة فنية. فبينما اختارت لورد الانزواء على شاطئ أوكلاند في 2021، ها هي اليوم تعود لتغني عن “دموع مدفوعة الأجر”، وتسير في شوارع نيويورك وهي تلعب مع هاتفها. الجيل الجديد من النجمات — من تشارلي إكس سي إكس إلى أديسون راي — لا يشعر بالخجل من قولها صراحة: “نريد أن نكون مشهورات. نريد كل شيء”.
لورد تراجع خطواتها: من العزلة إلى “البانغرز“
عادت لورد بألبومها الجديد Virgin إلى موسيقى البوب الصاخبة التي صنعت شهرتها، بعد أن واجه ألبومها السابق Solar Power انتقادات بسبب نزوعه للتأمل والهروب من الأضواء. الآن، تقولها صراحة: “أجيد إثارة البكاء… وهم يدفعون لي مقابل ذلك”. تعكس كلمات أغانيها الجديدة صراعًا بين متعة النجومية وثقلها، بين الرغبة في الانتماء وبين ذكريات الشهرة المبكرة التي بدأت في سن السادسة عشرة.
نجمات جيل زد: نجومية بلا خجل
على عكس النجمات المخضرمات، تبدو موجة البوب الجديدة أكثر شراسة في التعامل مع فكرة الشهرة. تشارلي إكس سي إكس مثلًا، استدعت المصورين بنفسها، وجعلت من مطاردتهم لها مادة بصرية في فيديوهاتها. أما جايد (من فرقة Little Mix سابقًا)، فتغني عن “سعادة مفرطة أمام الكاميرات”، بينما تظهر في مشاهد تتصارع فيها مع المصورين أيضًا. الفكرة هنا ليست فقط في الشهرة، بل في كيفية التحكم بسرديتها.
أديسون راي: الشهرة كطريق للنجاة
تُعد أديسون راي نموذجًا بارزًا لتغير معادلة النجومية. بدأت على تيك توك، واتُّهمت بالخفة والسطحية، لكنها عملت بذكاء لتدخل ساحة البوب. قالت صراحة إن شهرتها لم تكن عن “استكشاف الذات”، بل كانت خطة للهروب من واقع عائلي صعب في لويزيانا. اليوم، تلوّح بأصابعها للمنتقدين وتقول: “عندما تخجلونني، أريدها أكثر”.
عصر ما بعد الشكوى: لم يعد البكاء يجذب الجمهور
تراجعت نغمة “الشهرة مؤلمة” التي سادت في عصر إيلون ماسك الأول وكوفيد. لم يعد الجمهور يتعاطف مع نجم يشتكي من حياة الرفاهية. اليوم، في عصر ترامب 2.0، يُحتفى بالثروة والجرأة والفضيحة. جمهور جيل زد لا يريد نجمة منسحبة، بل شخصية تملأ الشاشة وتشعل تيك توك و”تستلذ بالتوتر”، كما قالت تشارلي بنفسها.
سابرينا كاربنتر: اللعب على الحافة
اختارت سابرينا كاربنتر الغموض والإثارة في غلاف ألبومها الجديد Man’s Best Friend: مشهد مُوحٍ لامرأة يُشد شعرها من رجل في بدلة، بين الاستغلال والقوة. كان المشهد كافيًا لإشعال الإنترنت. وسرعان ما أصدرت غلافًا بديلًا “مقبولًا من الله”، لكنها كانت قد حصدت ما أرادت: حديث بلا نهاية.
رومى مارس: النبوغ الوراثي لا يعتذر
رومي، ابنة صوفيا كوبولا والمغني توماس مارس، تحوّلت إلى نجمة “تيك توك” بعد فيديو ساخر عن حرمانها من وسائل التواصل، واشتهرت رغم بداياتها العائلية المريحة. لم تعتذر عن “امتيازها الطبقي”، بل استخدمته كمادة فنية. فيديوهاتها تضم سفرًا مع آدم درايفر وحضور عروض شانيل، بينما تتهكم بذكاء على نفسها وعلى فكرة “الطفلة المدللة”.
هل الشهرة عادت لتصبح فنًا بحد ذاتها؟
بعيدًا عن النجاحات التجارية، تشير هذه الموجة الجديدة إلى فهم مختلف للنجومية: هي ليست عبئًا، بل أداة، مشروع فني، لعبة تُلعب بشروط ذكية. في عالم يشكك فيه الناس بالحقيقة، تبدو النجمات الجريئات وكأنهن الملاذ الأخير: وجوه لامعة وسط فوضى الواقع. في 2025، لم تعد النجومية عارًا، بل بطولة.
اقرأ أيضا:
ياكارينو ومسك: القصة الكاملة لامرأة حاولت “امتطاء النمر” وسقطت