تحوّلات مرعبة: كيف أصبحت روايات ستيفن كينغ كوابيس تلفزيونية؟”
بين عبقرية الرعب وفوضى الإخراج، هذه أبرز الأعمال التلفزيونية المقتبسة من روايات كينغ… من الأسوأ إلى الأفضل.

حين يتحوّل أحد أعمدة الرعب الأدبي في العالم إلى مادة درامية تلفزيونية، تكون النتيجة غالبًا… مفاجئة. فبعض هذه الأعمال التلفزيونية المقتبسة من روايات ستيفن كينغ تركت بصمة حقيقية في ذاكرة الجمهور، بينما سقط بعضها الآخر في هوّة العبث البصري والسردي. كما لو كان قد كُتب تحت تأثير لعنة ما أو على يد مؤثر بصري مبتدئ.
وبمناسبة عرض المسلسل الجديد The Institute، نستعرض هنا أبرز هذه الأعمال، من الأسوأ إلى الأفضل ما نقلته جريدة الجارديان، بأسلوب لا يخلو من الترفيه… ولا الشفقة.

تصوير: Everett Collection Inc / Alamy
عندما يعيد الكاتب كتابة روايته: The Shining (1997).
هل يوجد ما هو أسوأ من أن تتجاهل تحفة ستانلي كوبريك في سبيل “النسخة الحقيقية” التي أرادها ستيفن كينغ؟ نعم، هناك: أن تشاهد هذه النسخة فعليًا. The Shining بنسخته التلفزيونية من عام 1997 هو كارثة مكتملة الأركان، من تمثيل ستيفن ويبر الكارثي إلى المؤثرات الخاصة الرديئة. وصولًا إلى متاهة من الممرات المكررة والمطرقة التي تطارد بها المشاهد أكثر مما تطارد بها الشخصيات. النتيجة؟ نسخة “نهائية” لا يريد أحد تذكُّرها.
نصف بقرة وموسيقى مفرطة: Under the Dome (2013-2015)
ما الذي يحدث عندما تُغلف مسلسل خيال علمي بطبقة كثيفة من الميلودراما القروية؟ تحصل على Under the Dome.
المسلسل الذي يبدأ بحادث انقسام بقرة إلى نصفين بسبب قبة شفافة نزلت من السماء، لا يستفيق من عبثيته أبدًا. فوضى في السيناريو، تمثيل مرتبك، وأحداث تجعل المشاهد يتمنى أن تسقط القبة عليه هو أيضًا وتنهي الأمر.

تصوير: براوني هاريس / CBS
زائر غامض وعاصفة مملة: Storm of the Century (1999)
في جزيرة نائية في ولاية ماين، تظهر شخصية غامضة وسط عاصفة ثلجية… لكن بدلًا من الرعب، نحصل على حوار ممل وأحداث متكررة، وكأن المسلسل مصمم لتعذيب من يشاهده على مدى أربع ساعات متواصلة.
ليس اقتباسًا حقيقيًا بل “رواية أصلية للتلفزيون” كتبها كينغ، وتبدو كأنها محاولة متأخرة لإثبات أن الإطالة قد تكون سلاحًا ضده هو نفسه.
فيروس، فلاشباك، وووبي غولدبيرغ: The Stand (2020-2021)
كان من الممكن أن يكون هذا المسلسل إعادة إحياء قوية لرواية كينغ الشهيرة، لكنه انتهى إلى فوضى سردية يصعب الدفاع عنها. مع حبكات متداخلة دون تماسك، ومشاهد فلاشباك لا تنتهي، وأداء متواضع من الجميع – حتى من ووبي غولدبيرغ في دور العجوز “المنقذ”.
يبدو أن المسلسل فقد بوصلته مبكرًا. والأكثر إزعاجًا؟ أنه جعل النسخة القديمة من عام 1994 تبدو… جيدة نسبيًا!

كرات لحم قاتلة من الفضاء: The Langoliers (1995)
لن تجد تجسيدًا أدق للملل التلفزيوني من هذا المسلسل. طائرة تختفي نصف ركابها، والناجون يتجادلون حتى تظهر مخلوقات كروية تلتهم الزمن…
أجل، يبدو غريبًا، والأسوأ أنه ممل حتى في غرابته. المؤثرات البصرية بدائية، والحوار مضجر، وكأن كينغ نفسه كتب النص وهو يعاني من الأرق. لا ينصح به حتى لعشّاق “الرعب الرديء”.
بداية مشجعة: The Institute (2025)
وأخيرًا، مسلسل جديد يحمل بصيص أمل. The Institute يقدم قصة معسكر سري للأطفال ذوي قدرات نفسية خارقة، مع مؤامرات حكومية ومواقف تقطع الأنفاس ببطء محسوب. رغم بعض لحظات السذاجة الطفولية، إلا أن العمل يقدم أداءً محترمًا (بمشاركة ابن مارتن فريمان الحقيقي) ويقترب من أجواء Stranger Things دون أن يقلدها بشكل فج.
التخييم الفضائي أصبح مضحكًا: The Tommyknockers (1993)
رغم عبثية الفكرة – كائنات فضائية، طاقة خضراء غامضة، وأناس يفقدون عقولهم – إلا أن هذه السلسلة نجحت في أن تكون ممتعة بطريقة غير متوقعة. قد يعود الفضل لذلك إلى الأداء المسرحي المبالغ فيه أو المؤثرات التي تبدو وكأنها مصنوعة في ورشة مدرسية، أو ربما لكل ذلك معًا. The Tommyknockers هو ذلك النوع من الرداءة اللطيفة.

عندما يصنع الرعب تلفزيونًا راقيًا: Salem’s Lot (1979)
من أوائل أعمال كينغ التي أثبتت أن الرعب يمكن أن يكون عميقًا نفسيًا ومخيفًا بصريًا على الشاشة الصغيرة. مصاصو الدماء يخرجون من الأرض، أطفال يعودون من الموت، وكل ذلك في أجواء قاتمة وموسيقى تنذر بالموت.
هذا العمل لا يزال حتى اليوم معيارًا لأي مخرج يرغب في تحويل رواية رعب إلى عمل مؤثر تلفزيونيًا.

تصوير: Warner Bros Television / Alamy
مهرج في البالوعة… ورعب خالد: It (1990)
قد لا تبدو المؤثرات الخاصة اليوم مذهلة، لكن هذه النسخة من It استطاعت أن تحبس أنفاس جيل كامل. الأداء الأسطوري لتيم كاري في دور “بيني وايز” لا يزال يُذكر كأحد أعظم تجسيدات الرعب.
والقصة نسجت ببراعة بين الطفولة والتروما والمجهول. مسلسل تلفزيوني أصبح أسطورة في حد ذاته.
الرعب بعيون رمادية: The Outsider (2020)
نقلة نوعية في اقتباسات كينغ. إنتاج من HBO يتميز بالسرد البطيء المتقن، والإضاءة الكئيبة التي تضيف عمقًا نفسيًا لا يقل رعبًا عن الوحش الحقيقي في القصة.
فقد ﭢالقاتل غامض، والتحقيق عميق، والجو العام مشبع بالحزن والأسئلة الوجودية. هنا لا يوجد مهرجون، بل شر خفي يتسلل بهدوء، ودراما تتفوق على الرعب.
دروس مستخلصة: ماذا نتعلم من هذا كله؟
إذا كان في أعمال ستيفن كينغ التلفزيونية عبرة، فهي أن الرعب الجيد لا يحتاج فقط إلى قصة قوية، بل إلى إخراج محكم، وتمثيل صادق، واحترام لعقل المشاهد. وبينما يبرع كينغ في زرع الخوف على الورق، يبقى تنفيذ تلك الكوابيس على الشاشة تحديًا قد ينجح – أو ينفجر ككرة لحم فضائية وسط مؤثرات من التسعينيات.