عربي وعالمي

بريطانيا تخفض سن التصويت إلى 16 عامًا: ماذا نتوقع؟

خفض سن التصويت في بريطانيا: تأثيرات وتحديات وفرص للمستقبل السياسي.

أعلنت الحكومة البريطانية عن تخفيض سن التصويت إلى 16 عامًا في جميع الانتخابات داخل المملكة المتحدة، وذلك ابتداءً من الانتخابات العامة المقبلة. القرار يمثل خطوة تاريخية تُضاف إلى سجل بريطانيا، التي كانت أول ديمقراطية كبرى خفّضت سن التصويت من 21 إلى 18 عامًا في عام 1969.

لكن ما الذي سيحدث عند منح هذا الحق الانتخابي للفئة العمرية 16–17 عامًا؟ تجارب سابقة من دول مثل النمسا، الأرجنتين، البرازيل، وكذلك اسكتلندا وويلز، تقدم صورة أوضح.

لا تأثير سلبي على نتائج الانتخابات

تشير الدراسات إلى أن السماح للمراهقين بالتصويت لا يؤدي إلى نتائج كارثية، كما يُزعم أحيانًا. في الواقع، الأبحاث أظهرت أن المراهقين في سن 16 و17 عامًا قادرون على اتخاذ قرارات تصويت مدروسة ومبنية على وعي سياسي، مثلهم مثل الناخبين الأكبر سنًا.

وفي البلدان التي خفضت سن التصويت، لم تتغير النتائج الانتخابية بشكل كبير، حتى في الحالات الحساسة مثل الاستفتاء الاسكتلندي على الاستقلال عام 2014، حيث صوّت المراهقون بشكل متنوع ولم يؤثروا على النتيجة النهائية.

نسبة مشاركة أعلى بين الناخبين الأصغر سنًا

تُظهر الأدلة من النمسا وأمريكا اللاتينية واسكتلندا وويلز أن الشباب الذين يصوّتون لأول مرة في سن 16 و17 يميلون للمشاركة بنسبة أعلى من أولئك الذين يبدأون التصويت في سن 18 أو أكثر. السبب يعود غالبًا إلى أن هؤلاء المراهقين لا يزالون يعيشون في منازل ذويهم، ويمارسون حياتهم في بيئة أكثر استقرارًا، مما يسهل عليهم الانخراط في العملية الانتخابية.

تأثير غير متوقع على الأحزاب السياسية

رغم الاعتقاد السائد بأن الشباب ميالون أكثر للأحزاب اليسارية مثل حزب العمال، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا. الشباب ليسوا كتلة انتخابية موحّدة، وهم يصوّتون لأحزاب مختلفة وفقًا لقناعاتهم السياسية المتنوعة.

ففي البرازيل مثلًا، صوّت الشباب في انتخابات 2022 بطريقة مشابهة لباقي الفئات العمرية، وفي النمسا، لم يؤدِ إدراج 16- و17 عامًا في قوائم الناخبين إلى تغيرات واضحة في الخارطة السياسية.

دور الإعلام والمدارس في إشراك الشباب

نجاح تجربة خفض سن التصويت يعتمد على مدى تفاعل الأحزاب السياسية والإعلام مع الشباب. التجربة الاسكتلندية كانت مثالًا ناجحًا، حيث خصصت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC Scotland) برامج حوارية تضم شبابًا بعمر 16 و17 عامًا، وتم إشراكهم في النقاشات السياسية الكبرى.

التفاعل مع الشباب لا يقتصر على التأثير المباشر، بل يمتد ليشمل أسرهم ومحيطهم، ما يعزز النقاشات السياسية داخل البيوت ويعطي فرصًا لبناء وعي ديمقراطي مشترك بين الأجيال.

نحو ديمقراطية أقوى وأكثر شمولًا

تشير الأبحاث إلى أن إشراك الشباب في العملية الانتخابية في سن مبكرة يعزز من رضاهم عن النظام الديمقراطي ويقوي انتماءهم السياسي. ففي النمسا وأمريكا اللاتينية، أبدى الشباب الذين صوّتوا في سن مبكرة مستويات أعلى من الرضا تجاه المؤسسات الديمقراطية مثل البرلمان والأحزاب السياسية.

كما أن خفض سن التصويت يساهم في تقليل الفوارق الطبقية في المشاركة السياسية، بشرط دعم التجربة بتعليم مدني فعّال في المدارس. ففي اسكتلندا، تبين أن من تلقوا تعليمًا سياسيًا خلال سنوات دراستهم، ظلوا أكثر حرصًا على المشاركة السياسية خلال العشرينات من عمرهم.

خلاصة: لا مفاجآت، لكن كثير من الفرص

تؤكد الدكتورة كريستين هوينر، أستاذة العلوم الاجتماعية الكمية في جامعة شيفيلد، أن خفض سن التصويت إلى 16 عامًا لا يحمل معه صدمات انتخابية، بل يفتح الباب أمام تحسين جودة الديمقراطية وزيادة الشفافية والانخراط المجتمعي.

إن أعطينا الشباب الثقة، وعززنا تعليمهم السياسي، يمكن أن يصبحوا ليس فقط ناخبين جيدين، بل ركيزة أساسية لديمقراطية مستدامة في المستقبل.

اقرا ايضا

فضيحة جنسية تهز المؤسسة البوذية في تايلاند وتكشف عن نفوذ وثراء مثيرين للجدل 

نيرة احمد

نيرة أحمد صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى