عرب وعالم

ترامب يصعد لهجته تجاه حماس وسط مجاعه خانقة:لم يرغبوا في التواصل لاتفاق وسنطاردهم

ترامب يهاجم حماس ويهدد بملاحقتها وسط مجاعة بغزة

في وقتٍ تتزايد فيه مشاهد المجاعة في قطاع غزة وتتصاعد صرخات المنظمات الإنسانية حول كارثة إنسانية غير مسبوقة، قررت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تشديد موقفها تجاه حركة “حماس”، متهمةً إياها بالمسؤولية المباشرة عن تعثر جهود التهدئة وتفاقم الأوضاع المعيشية. وبينما يواجه أكثر من ثلث سكان غزة انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، وتظهر تقارير طبية عن وفيات جراء الجوع ونقص الوقود، تصر واشنطن وتل أبيب على تحميل “حماس” كامل المسؤولية عن انسداد أفق الحل.

ورغم تنديد المجتمع الدولي بالقيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المساعدات وتوزيعها، يواصل الرئيس ترامب دعم تل أبيب دون مواربة، مؤكدًا أن “الطرف الآخر لم يكن جادًا في التفاوض”، في إشارة إلى حماس. قرار انسحاب الوفد الأميركي من مفاوضات الدوحة كان بمثابة إعلان غير رسمي بتجميد المسار الدبلوماسي، مقابل تفعيل قنوات بديلة أبرزها “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أميركيًا وإسرائيليًا.

هذه التحولات تعكس معادلة جديدة: استمرار الكارثة الإنسانية في غزة لم يعد دافعًا لتقديم تنازلات، بل أداة ضغط في معركة سياسية وأمنية طويلة الأمد. فهل نحن أمام نهاية حقيقية لمسار التهدئة؟ أم بداية لتدويل الصراع بمداخل إنسانية؟

 

إدارة ترامب: نبرة أكثر تشددًا تجاه حماس

لم تكن تصريحات الرئيس ترامب الأخيرة مفاجئة بقدر ما كانت انعكاسًا لتحول تكتيكي واضح في موقف إدارته من ملف غزة. الرئيس الأميركي أعلن صراحة أن حماس “لا ترغب في التوصل لاتفاق”، مهددًا بأنها “ستُلاحق وتُصطاد”. هذا التصريح تزامن مع انسحاب الوفد الأميركي من محادثات وقف إطلاق النار في الدوحة، وهو ما أكده المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف، الذي أشار إلى أن واشنطن تبحث عن “خيارات بديلة” بسبب ما اعتبره “سوء نية” من جانب حماس.

وبينما تتبنى واشنطن خطابًا تصعيديًا، تؤكد مصادر داخل البيت الأبيض أن ترامب رغم عدم تعبيره العلني عن التأثر بالمأساة الإنسانية، إلا أنه “اطّلع على الصور ولا يحب ما يراه”، بحسب مسؤول كبير. غير أن هذا “الانزعاج الأخلاقي” لا يترجم إلى مراجعة سياسية، بل إلى مقاربات أمنية بديلة في توزيع المساعدات، كإنشاء مؤسسة غزة الإنسانية.

 

مؤسسة غزة الإنسانية: حل بديل أم وسيلة التفاف؟

طرحت الولايات المتحدة، بالتعاون مع إسرائيل، آلية جديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة عبر “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي تنشط في أربع مناطق خاضعة للحماية العسكرية، وتستبعد الأمم المتحدة والمنظمات التقليدية. ورغم إعلان المؤسسة عن توزيع أكثر من 80 مليون وجبة منذ مايو، فإن هذا النموذج يثير جدلًا واسعًا.

الكثير من المنظمات الإنسانية ترفض التعاون مع المؤسسة بدعوى أنها تُقوض مبدأ الحياد وتُعرض المدنيين للخطر، خصوصًا مع توثيق حالات وفاة بسبب التدافع أو إطلاق النار عند نقاط التوزيع. ويصف المنتقدون الآلية بأنها “مسرح إنساني” يشرعن الحصار بدلًا من كسره، بينما تعتبرها واشنطن دليلًا على فاعلية نموذجها الجديد. الخلاف حول هذه المؤسسة لا يعكس فقط أزمة في أدوات التوزيع، بل في من يملك الشرعية الأخلاقية لإغاثة من هم تحت الحصار.

 

انسداد مسار التفاوض: فشل أم مناورة تكتيكية؟

الانسحاب الأميركي من مفاوضات الدوحة لم يكن قرارًا نهائيًا بقدر ما كان رسالة سياسية، حسب مراقبين. فقد أكد بيان مشترك لقطر ومصر أن المفاوضات لم تفشل كليًا بل “دخلت مرحلة مشاورات”، وهو ما يشير إلى أن الانسحاب قد يكون ورقة ضغط.

لكن طبيعة الشروط المتبادلة تكشف جوهر الانسداد: حماس تطالب بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية وضمانات دولية بعدم استئناف الحرب، إضافة إلى إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل الرهائن. بينما تصر إسرائيل على تجنب أي التزام بإنهاء الحرب، وتسعى لتصفية قيادة حماس أو ترحيلها. هذا التباين الجذري يُضعف فرص التقدم، خاصة في ظل دعم إدارة ترامب للرؤية الإسرائيلية في ضرورة تحقيق “نصر كامل”.

 

معاناة غزة: أرقام قاسية وصور أقسى

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ثلث سكان غزة باتوا يواجهون فترات جوع تمتد لأيام، مع نقص حاد في الوقود والمستلزمات الطبية. وفي مستشفيات القطاع، التي بالكاد تعمل، تتزايد أعداد الوفيات بسبب الجوع والمضاعفات.

صور الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية حاد أصبحت مشهدًا يوميًا في تغطيات وسائل الإعلام، ومع ذلك، يبدو أن تلك الصور لم تعد كافية لتحريك مسارات سياسية فاعلة. بل إن بعض المسؤولين الأميركيين يتحدثون عن “توظيف حماس للمعاناة” لأغراض سياسية، متهمينها بـ”تسليح المساعدات”. هذه الرؤية تعكس تناقضًا في تعامل المجتمع الدولي مع الكارثة: إدانات لفظية، دون تحركات تلجم الاستراتيجية الإسرائيلية.

ام فلسطينية                                                                 

اتهامات متبادلة: من يعرقل إدخال المساعدات؟

في قلب الجدل حول الوضع الإنساني في غزة، تبرز معركة سرديات بين الأطراف. إسرائيل تتهم الأمم المتحدة بالعجز والتواطؤ مع حماس، بينما تقول المنظمات الدولية إن تل أبيب تعرقل توزيع المساعدات عبر تأخير التصاريح وفرض مناطق عسكرية محظورة.

الأمم المتحدة تؤكد أنها مستعدة للعمل مع أي جهة، شرط احترام مبادئ الحياد والاستقلال، بينما ترى في نموذج “مؤسسة غزة الإنسانية” تهديدًا لهذه المبادئ. أما واشنطن فتتجه لدعم هذه المؤسسة بوصفها نموذجًا عمليًا، رغم ما رافقها من مشاهد فوضى وسقوط ضحايا. النتيجة: المدنيون هم الحلقة الأضعف وسط تراشق الاتهامات.

 

المجتمع الدولي: قلق يتزايد وفاعلية محدودة

تتوالى الدعوات الدولية لوقف فوري للكارثة الإنسانية، أبرزها من رئيس وزراء كندا الذي دعا إلى إنهاء السيطرة الإسرائيلية على المساعدات. ومع ذلك، فإن أدوات الضغط على إسرائيل محدودة، في ظل الفيتو الأميركي المتكرر في مجلس الأمن والدعم غير المشروط من إدارة ترامب.

تتحدث تقارير عن مشاورات خلف الكواليس بين أطراف أوروبية وأممية للبحث عن آلية مستقلة لتوزيع المساعدات، لكن دون نتائج ملموسة حتى الآن. الغموض يكتنف مستقبل الدور الأممي، وسط تهديد ضمني بإعادة هيكلة النظام الإنساني الدولي لصالح مبادرات ثنائية أو تحالفات “مضادة” للنظام التقليدي.

اهل غزة المشردين                                                          

ثمن الصمت السياسي: بين الإحراج والتواطؤ

يرى مراقبون أن إدارة ترامب باتت أمام معضلة سياسية وأخلاقية: فالمضي في دعم إسرائيل مع تزايد صور الضحايا قد يُفقدها دعمًا دوليًا، بينما التراجع يفتح الباب لاتهامها بالضعف.

بعض المسؤولين السابقين يرون أن السياسة الأميركية تجاه غزة تعاني مما وصفوه بـ”تكلفة الغرق”، أي استمرار الالتزام بدعم إسرائيل رغم الأدلة المتزايدة على الانتهاكات. ويذهب آخرون إلى اعتبار أن ما يحدث في غزة يعكس تحولًا في أولويات السياسة الخارجية الأميركية من المبادئ إلى البراغماتية الأمنية والانتخابية.

اقرا ايضا

اليوم… محكمه الطالبيه تنظر محاكمه متهم بابتزاز الفنان طارق ريحان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى