خالد فواز لـ ” العالم في دقائق” قناة السويس 1956 لحظة السيادة الوطنية
خالد فواز في تصريحات لموقع العالم في دقائق التاريخ الاقتصادي لقناة السويس

في 26 يوليو عام 1956، ألقى الرئيس المصري جمال عبد الناصر خطابًا تاريخيًا في مدينة الإسكندرية أعلن فيه تأميم شركة قناة السويس العالمية، لتصبح شركة مساهمة مصرية، كان الهدف الرئيسي لهذا القرار هو تمويل مشروع السد العالي بعد رفض الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي تقديم الدعم المالي لهذا المشروع الحيوي، الذي كان يعتبر أساسيًا لتنمية القطاعين الزراعي والصناعي في البلاد.
تصريحات دكتور خالد فواز للعالم في دقائق
وأوضح الدكتور خالد فواز، الباحث الاقتصادي، في تصريحاته لبرنامج “العالم في دقائق” أن قناة السويس كانت تولد حينذاك عائدات سنوية تصل إلى نحو 100 مليون دولار لصالح شركة أجنبية تسيطر عليها بريطانيا وفرنسا، بينما كانت مصر تحصل فقط على 5% من أرباح القناة بما يعادل حوالي ثلاثة ملايين جنيه.
وأضاف أنه بنظرة استراتيجية، قرر عبد الناصر تحويل تلك العائدات بالكامل نحو دعم المشاريع الوطنية في مصر، وأعلن قائلاً إنه سيدخل 100 مليون جنيه للاقتصاد المصري بدلًا من أن تذهب الأموال للشركات الأجنبية. كجزء من العملية، أمر عبد الناصر قوات خاصة مصرية بالتحرك سريعًا للسيطرة على مكاتب الشركة في بورسعيد، الإسماعيلية والسويس، وأُعطيت كلمة السر السرية “ديليسبس” للبدء بعملية السيطرة.
الكشف عن وثائق بريطانية لاحقة
و سلط الضوء على نوايا خفية لدى القوى الأجنبية، حيث كانت بريطانيا وفرنسا تخشيان منذ سنوات من احتمال أن تسترد مصر قناة السويس، الوثائق كشفت أن بريطانيا درست ثلاثة سيناريوهات محتملة لمنع التأميم: تشكيل تحالف عسكري دولي ضد مصر، اللجوء إلى الناتو للضغط على القاهرة، وطرح فكرة إنشاء شركة دولية جديدة تدير القناة مع توزيع الأسهم بين مصر والجهات الأجنبية، لكن هذه الحلول قوبلت جميعها بالرفض من الجانب المصري.
التاريخ يكشف جذور الامتيازات الأجنبية المرتبطة بالقناة.
وتابع، أن السيطرة الأجنبية بدأت منذ بيع الخديوي إسماعيل أسهم مصر فيها لبريطانيا عام 1875 بسبب الأزمة المالية التي واجهتها البلاد، موضحا أن معاهدة القسطنطينية عام 1888 أقرت بأن القناة ممر دولي مفتوح وقت السلم والحرب، لكنها لم تمنع بريطانيا من فرض هيمنة عسكرية عليها عقب احتلالها لمصر في عام 1882، الامتياز الأصلي للقناة، الذي مُنح في عام 1854 للمهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس، كان من المفترض أن ينتهي عام 1968.
واستكملا كلامه، قائلا ” أنه في فترة ما قبل ثورة يوليو 1952، سعت حكومة الوفد بقيادة مصطفى النحاس باشا إلى استعادة السيطرة على القناة وأعدّت كوادر هندسية وفنية مصرية لإدارتها، لكن تلك الجهود لم تصل إلى التنفيذ وظلت الهيمنة الأجنبية قائمة حتى قرار التأميم الجريء الذي جاء عام 1956″.
واختتم حديثه بأن إعلان التأميم أثار غضبًا كبيرًا لدى بريطانيا وفرنسا، اللتين تحالفتا مع إسرائيل لشن العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956، إلا أن المصريين واجهوا العدوان بروح وطنية عالية، خاصة في مدينة بورسعيد التي أصبحت رمزًا للمقاومة الشعبية، دعم الاتحاد السوفيتي مصر ولوّح بالتدخل العسكري لحمايتها، فيما أيدت الولايات المتحدة القرار المصري في النهاية مما أجبر الدول المعتدية على التراجع.
وسلط الضوء في ختام حديثه بأن قرار تأميم قناة السويس مثّل نقطة تحول تاريخية لمصر، حيث أدى إلى استرداد أحد أهم مواردها السيادية، وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، وتوطيد مبدأ تحرير القرار الاقتصادي والسياسي من الهيمنة الأجنبية.