عربي وعالمي

ماكرون يفتح الباب: الاعتراف بدولة فلسطين هل يحيي السلام؟

فرنسا تتخذ خطوة جريئة نحو إحياء حل الدولتين بالاعتراف الرسمي

في خطوة جريئة ومفاجئة من حيث التوقيت، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 24 يوليو 2025 أن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل. ورغم أن القرار نفسه كان مطروحًا على طاولة ماكرون منذ أشهر، فإن توقيته المفاجئ يأتي في لحظة دقيقة تشهد تصاعدًا في الحرب على غزة، وتعثرًا واضحًا في مفاوضات التهدئة الجارية في قطر.

الاعتراف كوسيلة للضغط السياسي وإعادة إحياء حل الدولتين

أوضح ماكرون أن قراره يأتي اتساقًا مع التزام فرنسا التاريخي بـ”سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط”، وكتب على منصة “إكس”: “السلام ممكن”. وقد حاول الرئيس الفرنسي في الأشهر الماضية إقناع شركائه في مجموعة السبع، خصوصًا بريطانيا، بمساندة هذا الاعتراف، دون جدوى. وبينما سبقته دول مثل إيرلندا والنرويج وإسبانيا في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإن فرنسا ستكون أول قوة كبرى في G7 تقدم على هذه الخطوة رسميًا.

دور محمود عباس ومحاولة إعادة تأهيل السلطة الفلسطينية

كان من المفترض أن يتم الإعلان عن الاعتراف في يونيو الماضي خلال مؤتمر مشترك مع السعودية في نيويورك حول حل الدولتين، لكن المؤتمر أُلغي بسبب الضربات الإسرائيلية على إيران. مع ذلك، لعبت رسالة أرسلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى فرنسا والسعودية في يونيو دورًا مهمًا في قرار ماكرون، إذ أدان فيها هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، وتعهد بنزع سلاحها، وإجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية.

هذا الموقف أتاح لباريس التمييز بين “الفلسطينيين الساعين للحوار والسلام” وبين “الذين اختاروا طريق الإرهاب”، بحسب الدبلوماسيين الفرنسيين.

غضب إسرائيلي وانتقادات أمريكية: هل القرار يخدم “حماس”؟

قوبل القرار الفرنسي بغضب رسمي من إسرائيل، حيث وصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه “مكافأة على الإرهاب”، محذرًا من أن دولة فلسطينية في هذا التوقيت ستكون “منصة انطلاق لتدمير إسرائيل”. أما وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، فقد اعتبرها “خضوعًا للإرهاب”.

وفي الولايات المتحدة، كانت الاستجابة أقل حدة لكنها لم تخلُ من الانتقاد. وزير الخارجية ماركو روبيو وصف القرار بـ”الطائش”، مؤكدًا أنه “يخدم دعاية حماس ويقوّض السلام”. أما الرئيس ترامب فقلل من أهميته قائلًا: “تصريحات ماكرون لا تُغير شيئًا… هو شخص لطيف، لكن كلامه بلا وزن”.

فرنسا تراهن على النفوذ العربي والإصلاحات الداخلية

ترى باريس أن الاعتراف من شأنه أن يخلق “ديناميكية جديدة” تُحيي المسار الدبلوماسي المتعثر. ويؤكد ميشيل دوكلو، الدبلوماسي الفرنسي السابق، أن ماكرون يسعى لجذب دعم سعودي يعزز السلطة الفلسطينية ويضغط باتجاه تفكيك حماس وتحسين أداء الحكم الفلسطيني.

وفي هذا السياق، من المنتظر أن يعرض وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، الموقف الرسمي لبلاده في مؤتمر فرنسي-سعودي سيُعقد في نيويورك في 28 يوليو.

أثر القرار على مفاوضات التهدئة في قطر: زخم أم تعقيد؟

جاء إعلان ماكرون في وقت حساس؛ إذ أعلنت كل من أمريكا وإسرائيل سحب مفاوضيهما من محادثات التهدئة في قطر، بعد تعثر المحادثات بشأن الانسحاب العسكري الإسرائيلي وتبادل الأسرى. ويتهم مسؤولون إسرائيليون “حماس” بتشديد مطالبها بعد تزايد الضغط الدولي على إسرائيل، ويقول أحدهم: “تعتقد حماس أن الكفة تميل لصالحها… وإعلان ماكرون سيزيد من ثقتها”.

خطوة رمزية أم بداية تحول دبلوماسي؟

على الأرض، لن يغيّر الاعتراف الفرنسي شيئًا جوهريًا ما لم يُرفق بإجراءات عملية أو عقوبات على إسرائيل. إلا أن القلق الإسرائيلي ينبع من احتمال أن تكون هذه الخطوة مقدمة لتحولات أوسع في أوروبا، خصوصًا في حال تبنّي دول أخرى نفس النهج في تحدٍ للإدارة الأمريكية الحالية.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه الحرب في غزة بلا هوادة، تتشبث فرنسا بالأمل في أن يساهم الاعتراف بفلسطين في فرض “شرعية دبلوماسية” جديدة تعزز فرص التفاوض وتضعف حجج المتطرفين من الطرفين.

اقرا ايضا

العالم في دقائق – تقرير موجز لأهم أخبار الـ6 ساعات الأخيرة 

نيرة احمد

نيرة أحمد صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى