الجارديان: ترامب يمدد مهلة التعريفات الجمركية مع المكسيك وسط تصعيد تجاري عالمي
ترامب يمدد مهلة التعريفات الجمركية مع المكسيك وسط تصعيد تجاري عالمي

في خطوة مفاجئة لكنها تعكس نمطًا مألوفًا في سياسته التجارية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمديد المهلة الممنوحة للمكسيك لإبرام اتفاق تجاري جديد لمدة 90 يومًا إضافية، ما أثار تكهنات بإمكانية إعلان تجميد مماثل لعقوبات جمركية وشيكة ضد عشرات الدول الأخرى، من بينها حلفاء وشركاء تقليديون للولايات المتحدة.
تمديد مع المكسيك… وتعريفة “فنتانيل” مستمرة
قال ترامب، في منشور على منصته “تروث سوشيال“، إنه أجرى اتصالًا ناجحًا مع رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم، واصفًا العلاقة بين البلدين بأنها “معقدة” بسبب طبيعة الحدود المشتركة. وأكد أن المكسيك وافقت على تمديد الاتفاق الحالي لمدة 90 يومًا، والذي يتضمن:
تعريفة بنسبة 25% على واردات الفنتانيل (وهو ما يبدو أقرب إلى إجراء رمزي أو سياسي لمكافحة تهريب المخدرات).
25% على السيارات.
50% على المعادن مثل الفولاذ والألمنيوم والنحاس.
تفاق “تحرير” أم حملة ضغوط متعددة المسارات؟
منذ أبريل الماضي، يهدد ترامب بفرض رسوم “انتقامية” على 60 دولة قال إنها “نهبت واقتصاد الولايات المتحدة لعقود”. وحتى الآن، لم توقع سوى 8 دول على اتفاقات معه، بينما تواجه الدول الأخرى، بما في ذلك كندا وتايوان والبرازيل، تعريفات جمركية جديدة ابتداءً من الجمعة.
وتشمل قائمة الدول المتأثرة دولًا فقيرة مثل بنغلادش وليسوتو ونيبال، مما يثير مخاوف من آثار سلبية على سلاسل الإمداد العالمية وأسواق العمل الهشة في تلك الدول.
الاتحاد الأوروبي نجا مؤقتًا… وكندا على شفير التصعيد
توصل ترامب الأسبوع الماضي إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي ينص على فرض تعريفة أساسية بنسبة 15% فقط بدءًا من 1 أغسطس، ما اعتُبر تنازلًا نسبيًا. لكن الوضع مع كندا أكثر حساسية: إذ قال ترامب إنه قد لا يتم التوصل إلى اتفاق معها بسبب دعمها لإقامة دولة فلسطينية، في إشارة واضحة إلى تسييس السياسة التجارية.
وكتب على “تروث سوشيال”:
“كندا أعلنت للتو دعمها لقيام دولة فلسطينية… وهذا سيجعل من الصعب للغاية إبرام اتفاق تجاري معها. أوه كندا!!!”
الصين في الانتظار… والبرازيل مهددة بعقوبات “بولسونارية”
الصين من جانبها تواجه مهلة تنتهي في 12 أغسطس، مع وجود موافقة مبدئية على التمديد لم تُقر بعد رسميًا. أما البرازيل، فقد تلقت تهديدًا بفرض رسوم 50% ما لم توقف ما وصفه ترامب بـ”حملة مطاردة” للرئيس السابق جايير بولسونارو، وهو حليف سياسي مقرب من ترامب.
قراءة أوسع: تهديدات جمركية على وقع انتخابات رئاسية
يأتي هذا التصعيد التجاري في وقت يستعد فيه ترامب لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة. وتمثل سياسات “أمريكا أولًا” حجر الزاوية في خطابه السياسي، حيث يستغل قضايا مثل الهجرة، الفنتانيل، والعدالة التجارية، لإعادة شحن قاعدته الانتخابية. لكنه في الوقت ذاته يراهن على مقايضة سياسية تشمل ملفات غير تجارية (مثل فلسطين وبولسونارو) لتحقيق مكاسب استراتيجية.
ما المخاطر الحقيقية
تراجع الثقة التجارية العالمية: إذ تضع هذه الإجراءات العلاقة مع حلفاء كبار تحت ضغط، في وقت حساس لسلاسل الإمداد العالمية.
تعقيد علاقات واشنطن مع الشركاء الجدد: خصوصًا مع توجه العديد من الدول لتعميق تحالفاتها التجارية مع الصين أو الاتحاد الأوروبي.
رسائل سياسية متناقضة: فبينما يهدد ترامب دولًا فقيرة بعقوبات اقتصادية، يفاوض في الوقت ذاته على صفقات استثنائية مع الاتحاد الأوروبي وأستراليا.
ترامب يعيد رسم خريطة التجارة العالمية بـ”العصا الجمركية”
يمزج ترامب، كعادته، بين الرسائل السياسية والضغوط الاقتصادية، مستغلًا هيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي لفرض شروطه التجارية، ولو على حساب العلاقات الدبلوماسية. تمديد مهلة المكسيك يعطيه متسعًا من الوقت، ليس فقط للتفاوض، بل أيضًا لتقديم نفسه كرجل الصفقات الحاسمة في خضم حملة انتخابية تتصاعد وتيرتها.
لكن في ظل الضبابية حول مواقف الدول الكبرى مثل الصين وكندا، وسخط الدول النامية، يبقى السؤال الأهم: هل تمهد هذه السياسات لصفقات عادلة… أم لصراعات اقتصادية مفتوحة؟