تقارير التسلح

الصين تكشف عن نموذج أولي لطائرة تدريب بحرية متطورة مستوحاة من “ريد هوك” الأمريكية

تصميم ثنائي المحرك وهيكل معزز للهبوط على الحاملات يعكسان طموحات بكين في تحديث أسطولها الجوي البحري

في خطوة جديدة ضمن جهودها لتحديث سلاحها البحري الجوي، طورت الصين نموذجًا أوليًا لطائرة تدريب نفاثة مخصصة للعمل من على متن حاملات الطائرات، وذلك وفقًا لصور التُقطت في منشآت مجموعة هونغدو لصناعة الطيران في مدينة نانتشانغ، وتصميمات براءة اختراع نُشرت مؤخرًا.

الطائرة الجديدة، التي يُرجّح أن تكون نسخة بحرية من طائرة تدريب متقدمة، تحمل ملامح تصميمية مستوحاة من الطائرة الأمريكية T-7A Red Hawk، التي طورتها شركة بوينغ لصالح سلاح الجو الأمريكي. إلا أن النموذج الصيني يتميز بعدة اختلافات جوهرية، أبرزها استخدام محركين بدلًا من واحد، وجهاز هبوط أمامي مزدوج، وزعنفتان مائلتان في الذيل، وهي خصائص تعكس احتياجات الطيران البحري، خاصة في عمليات الإقلاع بواسطة المنجنيق والهبوط باستخدام الخطاف على الأسطح القصيرة.

وبحسب وثيقة براءة الاختراع رقم CN 307977940 S، والتي سُجلت عام 2023 لدى الإدارة الوطنية للملكية الفكرية في الصين، يُشار إلى التصميم باسم “طائرة نفاثة ذات ذيل مزدوج ومآخذ جانبية”، ويُظهر التصميم قمرة قيادة ثنائية المقاعد (ترادفية)، ومآخذ هواء بارزة على جانبي الهيكل، بالإضافة إلى تعزيزات هيكلية واضحة تؤهلها للعمل في بيئة بحرية قاسية.

طائرة تدريب متقدمة

 

تصميم مستوحى.. لكن بخصائص ميدانية صينية

 

رغم التشابه الظاهري مع T-7A، لا سيما في الأجنحة شبه الدلتا والاندماج الانسيابي بين الجناح والبدن، إلا أن النسخة الصينية تبتعد عن الأصل الأمريكي في فلسفة التشغيل، إذ يبدو أن اعتمادها على محركين يعكس تفضيل البحرية الصينية (PLAN) لتوفير قدر أعلى من الأمان والتكرار في بيئة العمليات البحرية، التي تُعد أكثر قسوة وتطلبًا من حيث الظروف الجوية والتقنية.

وتُظهر الصور التي نُشرت عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا) من حسابات مراقبين عسكريين، رسومات حاسوبية (CGI) للطائرة الجديدة، وهي تُعرض بزوايا مختلفة تؤكد على طبيعة استخدامها في المهام البحرية، مع ملامح تصميمية توحي بقدرتها على العمل ضمن منظومات الحاملة الصينية “شاندونغ” و”فوجيان”.

صورة ملفية للطائرة T-7A Red Hawk بواسطة تشيس كولر

سد فجوة التدريب البحري

 

حتى الآن، تعتمد البحرية الصينية على طائرتي JL-9 وL-15 في برامج التدريب المتقدم، إلا أن الطائرتين تفتقران إلى القدرات الكاملة اللازمة للعمل من على حاملات الطائرات، لا سيما في مجال القدرة على تحمل الهبوط الصعب والإقلاع المقيد. ويُرجح أن الطائرة الجديدة صُممت خصيصًا لسد هذه الفجوة وتوفير منصة تدريبية متكاملة لتأهيل الطيارين الصينيين قبل التحول إلى مقاتلات حاملة مثل J-15 وJ-35.

المحللون العسكريون يرون في هذه الخطوة تطورًا مهمًا في قدرات الصين البحرية، إذ أن امتلاك طائرة تدريب بحرية مخصصة يعني قدرة أفضل على تدريب الطيارين في بيئة واقعية مشابهة للعمليات الفعلية، دون الحاجة للاعتماد على طائرات مقاتلة باهظة الثمن في مراحل التدريب الأولى.

لقطة شاشة من X تُظهر رسومات حاسوبية لطائرة التدريب الجديدة من هونغدو. المصدر: @WenJian0922 / X، نُشرت في ١ أغسطس ٢٠٢٥

 

رهانات بحرية في سباق التسلح

 

التطور الجديد يعكس أيضًا تسارع وتيرة التحديث في البحرية الصينية، التي تسعى إلى اللحاق بالبحرية الأمريكية في مجال الطيران البحري. وفي ظل ازدياد عدد حاملات الطائرات الصينية قيد الخدمة أو التطوير، يبدو واضحًا أن بكين باتت تدرك أن التفوق لا يكمن فقط في امتلاك الحاملات، بل في جاهزية الكوادر والأنظمة المساندة التي تؤمّن عملها بكفاءة.

وفي حين أن تصميم الطائرة يشير إلى نضج تقني متزايد لدى الصناعات الجوية الصينية، يبقى التحدي الأكبر هو مدى قدرتها على مجاراة معايير الأداء والسلامة التي حققتها منصات غربية مثل T-7A، خصوصًا في مجال الطيران التشبيهي والإلكترونيات المتقدمة.

في المحصلة، فإن الطائرة الجديدة ليست مجرد منصة تدريب، بل خطوة استراتيجية تعكس التحول النوعي في التفكير العسكري الصيني، وتحمل في طياتها رسالة مفادها أن الصين لا تكتفي بتقليد التصميمات الغربية، بل تطورها بما يتلاءم مع احتياجاتها الجيوسياسية والعملياتية.

إقرأ أيضَا… خطر ترك الذكاء الاصطناعي يفكر نيابة عنك

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. عمل في مؤسسات إعلامية محلية ودولية، وتولى إدارة محتوى في مواقع إخبارية مثل "أخباري24" والموقع الألماني "News Online"، وغيرهم, حيث قاد فرق التحرير وواكب التغيرات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى