هجوم اليوم صفر: دراما تلفزيونيه تضع تايوان أمام كابوس الغزو الصيني
"هجوم اليوم صفر": دراما تايوانية تضع السيناريو الأسوأ في مواجهة الصين"

في خطوة غير مسبوقة على الشاشة التايوانية، تطرح الدراما الجديدة “هجوم اليوم صفر” تصورًا صادمًا لكيفية تنفيذ الصين لغزو محتمل لتايوان، في عمل فني يلامس أخطر ملفات الصراع الجيوسياسي في شرق آسيا. المسلسل، المكوّن من عشر حلقات، والذي يبدأ عرضه في 2 أغسطس، يعد أول إنتاج تلفزيوني رئيسي في تايوان يتناول سيناريو الضم بالقوة، وهو ما يجعله محطة ثقافية لافتة في ظل حساسية الموضوع سياسيًا وإعلاميًا. الفكرة جاءت بعد مشاهدات صادمة من قمع الحريات في هونغ كونغ، ما دفع المخرجة تشنغ هسين-مي إلى استغلال ما تبقى من حرية التعبير لعرض سيناريوهات واقعية قد تواجهها الجزيرة. ومع تصاعد التوترات الإقليمية، وتكرار التهديدات الصينية، وارتفاع الإنفاق الدفاعي التايواني إلى أكثر من 3% من الناتج المحلي، يأتي المسلسل ليحاكي قلقًا شعبيًا وسياسيًا متناميًا، ويطرح تساؤلات حول جاهزية المجتمع لمواجهة أزمة وجودية كهذه.
سيناريو الغزو: من الحصار إلى الحرب النفسية
يتخيل “هجوم اليوم صفر” بداية التصعيد بسقوط طائرة تجسس صينية قرب المياه الإقليمية التايوانية، ما يتيح لبكين نشر قوات بحرية وجوية تحت غطاء عمليات إنقاذ. تدريجيًا، يتحول المشهد إلى حصار شامل، فيما تتردد القيادة التايوانية في طلب تدخل أمريكي خشية التصعيد. العمل يبرز أن الهجوم لن يكون عسكريًا فقط، بل سيعتمد على قطع الكهرباء والاتصالات وإحداث أكبر انقطاع للإنترنت في تاريخ الجزيرة، إلى جانب شل قنوات الأخبار مؤقتًا. كما يتناول كيف تسعى الصين لتفكيك النسيج الاجتماعي عبر الفوضى في الشوارع، ونشر أخبار مزيفة، واستخدام نفوذها على عصابات إجرامية محلية، وصولًا إلى عرض اتفاق “بلد واحد ونظامان” على الطاولة، في محاولة لاستسلام سياسي مشروط.
إنتاج مثير للجدل وتمويل يحمل رسائل سياسية
لم يخلُ المسلسل من الجدل السياسي؛ فخصوم الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم يرون فيه أداة دعائية لتعزيز الموقف الرافض للصين، خصوصًا مع مساهمة وزارة الثقافة في تمويله، وهو ما تفعله مع العديد من الإنتاجات المحلية. كما أثار التمويل المقدم من رجل الأعمال روبرت تساو، المعروف بدعمه لمبادرات الدفاع المدني، حفيظة بكين التي وصفته بالانفصالي. بعض وكلاء المواهب رفضوا مشاركة ممثليهم خشية حظرهم في السوق الصيني، مما دفع المخرجة لاختيار ممثلين غير معنيين بهذا الخطر، مثل الممثل القادم من هونغ كونغ تشابمان تو، الذي قاطعه الجمهور الصيني بسبب دعمه للحراك الديمقراطي في بلده عام 2014. هذه الظروف تضيف بعدًا سياسيًا للإنتاج، وتكشف عن الضغوط التي يفرضها الصراع الصيني-التايواني على صناعة الترفيه نفسها.
بين التحذير الفني والرسالة السياسية
رغم أن المقطع الدعائي الأولي للمسلسل قدّم مشاهد أكثر رعبًا من النسخة النهائية، مثل انقطاع كامل للمياه والكهرباء والإمدادات، تؤكد المخرجة أن ذلك كان أسلوبًا تسويقيًا لجذب الانتباه، بينما ينفي المستشار بوما شين أن يكون التخفيف بسبب ضغوط حكومية. مع ذلك، يرى بعض الأكاديميين أن السلطات قد تكون فضّلت تقليل المشاهد المروعة حتى لا تصيب الجمهور بالذعر المفرط، مع الإبقاء على هدف رفع الوعي الاستراتيجي. العمل يسلط الضوء على تعدد زوايا الأزمة، حيث تخصص كل حلقة لرؤية مختلفة: من مكاتب الرئاسة ووسائل الإعلام، إلى حياة الأثرياء والطبقات العاملة تحت النار، في محاولة لتصوير التأثير الاجتماعي الشامل لأي غزو محتمل.
انعكاس للواقع الإقليمي المتوتر
يأتي عرض “هجوم اليوم صفر” بعد أشهر فقط من مناورات صينية تحاكي غزوًا برمائيًا وحصارًا بحريًا وقصفًا لمنشآت الطاقة في تايوان، وهي تدريبات يراها محللون بمثابة رسائل مباشرة لقدرة بكين على التحرك عسكريًا إذا قررت تنفيذ تهديداتها. وبينما يجسد المسلسل الولايات المتحدة كحليف ثابت، ينتقد البعض هذا الطرح معتبرين أنه لا يعكس تعقيدات الموقف الأمريكي الراهن. كما يواجه العمل انتقادات لافتقاره إلى تصوير أكثر توازنًا للتايوانيين المؤيدين للوحدة مع الصين، وهو ما قد يعكس تحيزًا سياسيًا. ومع ذلك، يبقى المسلسل بمثابة إنذار بصري قوي، يجمع بين الفن والرسالة الاستراتيجية، ويضع المجتمع التايواني أمام أسئلة صعبة حول مستقبله في ظل تصاعد شبح الصراع.