رئيس قطاع السيارات المكسيكي: تعريفات ترمب غير مستدامة وتضر المصنعين الأمريكيين قبل غيرهم
تعريفات ترمب تهدد صناعة السيارات المكسيكية

في ظل استمرار التعريفات الجمركية الأميركية على السيارات المصنعة في المكسيك بنسبة 25%، حذّر رئيس اتحاد صناعة السيارات المكسيكية، روجيليو جارزا، من أن هذه السياسة التجارية “غير مستدامة” وستلحق الضرر في النهاية بمصنّعي السيارات الأميركيين أنفسهم، داعيًا إلى التوصل لاتفاق خاص قبل مراجعة اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (USMCA) العام المقبل.
ورغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، تمديد الإعفاء الجمركي لمعظم الصادرات بين المكسيك والولايات المتحدة وكندا بموجب اتفاقية USMCA لمدة 90 يومًا إضافية، فإن هذه الخطوة لم تشمل قطاع السيارات الذي يخضع لتعريفات منفصلة بنسبة 25%، ما أدى إلى تجميد قرارات استثمارية وتأجيل خطط توسع لدى العديد من الشركات.
جارزا أكد أن الإبقاء على هذه النسبة حتى العام المقبل سيكون “كارثيًا”، موضحًا أن واشنطن وقعت بالفعل اتفاقات مع شركاء آخرين، مثل اليابان، لخفض الرسوم على السيارات إلى 15%، بينما تنتظر دول الاتحاد الأوروبي مرسومًا رئاسيًا لبدء تطبيق النسبة نفسها، في حين لم تحرز المكسيك أي تقدم مماثل رغم تكامل قطاعها الصناعي مع السوق الأميركية واعتماد خطوط الإنتاج على عبور المكونات الحدود عدة مرات أثناء التصنيع.
أثر مباشر على أميركا وكندا أيضًا
أشار جارزا إلى أن الوضع الحالي يضع ليس فقط الصناعة المكسيكية في موقف ضعيف، بل أيضًا نظراءها في الولايات المتحدة وكندا، حيث قال: “الشركات الأميركية هنا تقول: انتظروا، لقد أصبحت في وضع أسوأ من اليابان”.
ورغم أن الشركات الملتزمة بمعايير USMCA يمكنها نظريًا الحصول على خصم من التعريفة الجمركية يعادل نسبة المحتوى الأميركي (المعدل في المكسيك يبلغ نحو 40% مقابل نسب أقل في بلدان أخرى)، فإن التطبيق العملي يكشف أن نموذجين أو ثلاثة فقط من أصل نحو 60 موديلًا منتجًا في المكسيك استفادوا من هذا الإعفاء، بينما لم يحصل أحد فعليًا على أي مبالغ مستردة بعد بسبب التعقيدات الإجرائية.
خلفية التصعيد الجمركي
منذ اليوم الأول لتوليه منصبه في يناير الماضي، استهدف ترمب المكسيك وكندا بانتقادات حادة متهمًا إياهما بالتقاعس عن ضبط الحدود ومنع تهريب المهاجرين والفنتانيل إلى الولايات المتحدة. وفي مارس، فرض تعريفة بنسبة 25% على واردات السيارات، في خطوة أثارت قلق قطاع يُعد من أكثر القطاعات تكاملًا عبر الحدود في العالم.
قطاع السيارات المكسيكي ازدهر بشكل كبير بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) في التسعينيات، ليصبح أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، موفرًا أكثر من مليون فرصة عمل، ومتجاوزًا العام الماضي كلًا من ألمانيا وكوريا الجنوبية ليحتل المرتبة الخامسة عالميًا في إنتاج السيارات.
لكن حالة عدم اليقين المرتبطة بالتعريفات، إضافة إلى التخفيضات الحادة في الإنفاق الحكومي، أدت إلى تباطؤ النشاط. فوفق بيانات حكومية، ظل الإنتاج في النصف الأول من العام ثابتًا عند مليوني سيارة، بينما ارتفعت الصادرات بنسبة 2.8% لتصل إلى 1.7 مليون سيارة فقط.
تأثيرات على الشركات الكبرى
تضررت أرباح شركات كبرى مثل “جنرال موتورز” و”ستيلانتس” التي تمتلك مصانع عدة في المكسيك نتيجة هذه الرسوم. وأوضح جارزا أن الشركات امتصت حتى الآن معظم التكاليف الإضافية، لكن من المتوقع أن تبدأ الأسعار في السوق الأميركية بالارتفاع قريبًا.
في المقابل، أعلنت شركة “نيسان” الأسبوع الماضي إغلاق مصنعها في مدينة خالتيبيك، الذي افتتحته في الستينيات وكان أول مصانعها خارج اليابان، ونقل الإنتاج إلى مصانع أخرى داخل المكسيك. كما أعلنت “جنرال موتورز” نقل إنتاج بعض طرازات “شيفروليه بليزر” و”إكونوكس” إلى الولايات المتحدة.
جارزا، الذي شغل منصب نائب وزير الاقتصاد سابقًا، أشار إلى أن الشركات يمكنها من حيث المبدأ نقل إنتاج بعض الموديلات إذا توفرت طاقة إنتاجية بديلة، لكنه أكد أن المكسيك ستظل أكثر جاذبية للإنتاج نظرًا للفارق الكبير في التكاليف مقارنة بالولايات المتحدة، حتى مع فرض تعريفات عند مستوى 15%.
معاناة الشركات الأوروبية
الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لبعض الشركات الألمانية العاملة في المكسيك، نظرًا لاعتمادها الكبير على مكونات مستوردة من أوروبا، ما يجعلها غير مؤهلة للاستفادة من شروط USMCA، وبالتالي تدفع رسومًا إضافية بنسبة 2.5% فوق التعريفة الأساسية البالغة 25%.
جارزا رأى أن الاتفاق الأميركي مع الاتحاد الأوروبي يوضح أن بيئة التجارة العالمية أصبحت شديدة التنافسية، وأن الحماية الجمركية باتت القاعدة، متسائلًا: “من الذي سيأتي بعد ترمب ويقول: نعم، سأخفض الرسوم على الاتحاد الأوروبي إلى الصفر؟ سيواجه رفضًا واسعًا”.
رهان على الجغرافيا والعلاقات التاريخية
الآن، يركز جارزا والحكومة المكسيكية على التوصل إلى اتفاق يمنحهم شروطًا أفضل من بقية المنافسين، مستندين إلى عقود من التكامل الاقتصادي مع الولايات المتحدة. ويختم قائلاً: “نحن جيران منذ 30 عامًا من التعاون الاقتصادي، وكلانا استفاد. أنت تعرف أنك بحاجة إليّ، وأنا أعرف أنني بحاجة إليك. فلنعقد صفقة أفضل”.