الاقتصاد

أوبك: تنهي سياسة خفض الإنتاج وتعود لأعلى مستوياتها منذ عامين

في خطوة مفاجئة للأسواق، أعلن تحالف أوبك+ رفع إنتاج النفط بمقدار 547 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من سبتمبر، ليكمل بذلك إلغاء إستراتيجيته التي استمرت لما يقرب من عامين وهدفت إلى دعم الأسعار من خلال حجب كميات كبيرة من الخام عن السوق. القرار يمثل نهاية لاتفاق بدأ في يناير 2024، حين اتفقت ثماني دول، بقيادة السعودية والعراق والإمارات، على خفض إنتاجها طوعًا بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا لمواجهة تباطؤ الطلب العالمي وصعود السيارات الكهربائية. إلا أن هذه الخطة فشلت في كبح هبوط الأسعار، وأدت إلى فقدان حصة سوقية لصالح منتجين من خارج أوبك، مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا.

تحول أسرع من المتوقع في إستراتيجية الإنتاج

رغم أن أوبك+ أعلنت في ديسمبر الماضي نيتها البدء في التراجع التدريجي عن الخفض اعتبارًا من مارس، فإنها تحركت بوتيرة أسرع بكثير من المخطط، لتصبح الآن متقدمة بعام كامل على جدولها الزمني الأصلي. وشمل القرار زيادة إضافية قدرها 300 ألف برميل يوميًا للإمارات، ما يعكس حجم التغير في موازين القوى داخل التحالف. هذا الإسراع في ضخ الإمدادات جاء كمحاولة لاستعادة حصص السوق التي فقدتها المنظمة خلال فترة الخفض.

مخاوف من تخمة في المعروض بحلول الشتاء

التوسع السريع في الإمدادات دفع محللين إلى التحذير من أن السوق قد يواجه تخمة كبيرة في المعروض بحلول فصل الشتاء، خاصة إذا تباطأ الاقتصاد العالمي. شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية حذرت مؤخرًا من أن النفط قد يصبح “وفيرًا”، في ظل ضعف الطلب وتزايد الإنتاج. ورغم أن الطلب الصيفي المرتفع ساعد حتى الآن في امتصاص الفائض، فإن التوقعات للفصل المقبل تشير إلى ضغوط هبوطية محتملة على الأسعار.

تأثيرات جيوسياسية تدعم الأسعار مؤقتًا

انخفض سعر خام برنت بنسبة 19% بين أبريل ومايو، ليهبط إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل، مع استيعاب الأسواق لزيادة الإمدادات. لكن الأسعار تعافت لاحقًا لتصل إلى 69 دولارًا بنهاية الأسبوع الماضي، مدعومة بتصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، ما أثار مخاوف من اضطرابات مفاجئة في تدفقات النفط، إضافة إلى سلسلة اتفاقيات تجارية أمريكية ساعدت في رفع المعنويات بالسوق.

التخفيضات المتبقية والنقاش حول مستقبلها

رغم إلغاء التخفيضات الأخيرة، ما زال التحالف يحتفظ بشريحتين من الخفض: تخفيض طوعي بمقدار 1.65 مليون برميل يوميًا من ثماني دول، وتخفيض شامل بمقدار مليوني برميل يوميًا من جميع الأعضاء، وكلاهما من المقرر أن ينتهي في نهاية 2026. النقاش القادم داخل أوبك+ سيركز على كيفية إعادة هذه الكميات إلى السوق دون التسبب في انهيار الأسعار.

مزاج حذر داخل أروقة المنظمة

في الندوة التي عقدتها أوبك في يوليو بفيينا، وصف أحد الحاضرين المزاج العام بأنه “تشاؤمي نسبيًا“، مشيرًا إلى أن الجميع يستمتعون بالقوة الحالية للسوق، لكنهم يستعدون لفترة طويلة من الفائض الكبير. التشبيه كان “كسفن قبل العاصفة”، ما يعكس إدراكًا داخليًا بأن التحديات قادمة لا محالة.

توقعات بتباطؤ إنتاج الدول المنافسة

على المدى المتوسط، قد تعمل الأسعار المنخفضة على كبح نمو إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك، وعلى رأسها الولايات المتحدة. تتوقع شركة “ريستاد” أن يرتفع إنتاج هذه الدول بمقدار 1.4 مليون برميل يوميًا هذا العام، ثم 1.1 مليون في العام المقبل، قبل أن يتباطأ إلى 91 ألفًا فقط في 2027. شركة “إنرجي أسبكتس” تقدم تقديرات مشابهة، مع تباطؤ تدريجي في النمو بحلول منتصف العقد.

إمكانية استغلال الطاقة الإنتاجية الفائضة

بنك “باركليز” يرى أن التباطؤ المتوقع في إنتاج المنافسين قد يفتح المجال أمام أوبك لاستغلال طاقتها الإنتاجية الفائضة للمرة الأولى منذ عقد، ما قد يؤدي لاحقًا إلى دفع الأسعار للارتفاع مجددًا. هذا السيناريو يعتمد على قدرة التحالف على إدارة المعروض بمرونة، وتجنب إغراق السوق في مرحلة التعافي الاقتصادي.

اقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي: خلافات حادة بين نتنياهو وزامير تصل إلى ذروتها

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى