
تتصاعد التساؤلات مجددًا حول القدرات الذهنية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، البالغ من العمر 79 عامًا، بعد سلسلة من التصريحات والمواقف غير المترابطة التي شهدها الشهر الجاري. من حديثه الخاطئ عن علاقة عمه بمفجر الجامعات “يونيابومبر”، إلى خطابه المفاجئ ضد توربينات الرياح خلال زيارته الأخيرة إلى بريطانيا، يرى خبراء في علم النفس أن سلوك ترامب يعكس تراجعًا ملحوظًا في قدرته على التركيز والتذكر، ويظهر علامات على اضطراب التفكير.
مقارنة مع بايدن ومعايير مزدوجة في التغطية
خلال فترة رئاسته، كان جو بايدن يتعرض لهجوم واسع بسبب هفواته الكلامية وعثراته الذهنية، خاصة بعد مناظرته الكارثية في يونيو 2024 التي ساهمت في انسحابه من سباق إعادة الترشح. لكن ترامب، الذي استخدم هذه الانتقادات كسلاح ضد بايدن، لم يخضع بنفس القدر من التدقيق رغم استمرار ظهور مؤشرات مشابهة على تراجع أدائه الذهني.

من الهجرة إلى توربينات الرياح
أثناء لقائه برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في 27 يوليو، انتقل ترامب فجأة من الحديث عن الهجرة إلى إعلان معارضته لبناء توربينات الرياح في الولايات المتحدة، زاعمًا أنها “تدمر المناظر الطبيعية” وتتسبب في جنون الحيتان وقتل الطيور. هذه الانتقالات العشوائية بين المواضيع، وفقًا للبروفيسور هاري سيغال من جامعة كورنيل، تمثل فقدانًا لآلية ضبط النفس السردي، حيث ينتقل الرئيس من فكرة إلى أخرى دون ترابط منطقي.
الارتباك والتضارب في الحقائق
في تصريح آخر عن المجاعة في غزة، قال ترامب إن الولايات المتحدة قدمت 60 مليون دولار كمساعدة قبل أسبوعين، وأنها الدولة الوحيدة التي ساهمت، متجاهلًا أو ناسيًا أن بريطانيا أعلنت عن مساعدات بقيمة 80 مليون دولار في يوليو، وأن الاتحاد الأوروبي خصص 195 مليون دولار للغرض نفسه. كما لم يتم العثور على أي سجل رسمي يؤكد منحة الـ60 مليون دولار التي ذكرها.

قصص مختلقة وذكريات وهمية
من أبرز الأمثلة على ما يسميه الخبراء “الاسترسال الوهمي” قصة ترامب عن عمه البروفيسور جون ترامب، الذي زعم أنه درّس تيد كاتشينسكي (يونيابومبر) في معهد MIT، رغم أن عمه توفي قبل الكشف عن هوية كاتشينسكي بعقد كامل، وأن الأخير لم يدرس في المعهد من الأساس.
خطب متشعبة وإزالة النصوص الرسمية
عرفت خطابات ترامب منذ حملته الانتخابية الثانية بأسلوب “الحياكة” الذي يتنقل فيه بين مواضيع متباعدة بلا تسلسل. وفي مايو، أزال البيت الأبيض النصوص الرسمية لخطابات ترامب من موقعه الإلكتروني بحجة الحفاظ على “التناسق”، ما أثار تساؤلات حول طبيعة ما يقوله الرئيس في المناسبات العامة.
التركيز على الديكور بدل القضايا الكبرى
في اجتماع لمجلس الوزراء لمناقشة قضايا كبرى مثل الفيضانات في تكساس والحرب في أوكرانيا وغزة، قضى ترامب 13 دقيقة يتحدث عن اختيار اللوحات والأطر وتغيير لون الغرفة وربما إضافة الذهب إلى الزوايا، تاركًا كبار المسؤولين في انتظار انتهاء monologue طويل لا علاقة له بالأجندة المطروحة.

البيت الأبيض وحلفاء ترامب يدافعون عنه
المتحدثة باسم البيت الأبيض ليز هوستون هاجمت صحيفة الغارديان ووصفتها بأنها “منبر يساري”، مؤكدة أن ترامب يتمتع بحدة ذهنية “لا مثيل لها”. كما قال النائب الجمهوري وروني جاكسون، طبيب البيت الأبيض السابق، إنه “أذكى وأصح رئيس في تاريخ الولايات المتحدة”، مدعومًا بتقرير طبي رسمي أكد سلامة قدراته المعرفية.
تحذيرات الخبراء من علامات الخرف
على النقيض، يرى أطباء نفسيون أن ما يظهره ترامب من تشتت، فقدان الترابط، وتكرار الكلام، يمثل مؤشرات على التدهور المعرفي. البروفيسور جون جارتنر من جامعة جونز هوبكنز أشار إلى الفارق الكبير بين خطاب ترامب في الثمانينيات، حين كان أكثر فصاحة، وحالته الحالية التي يجد فيها صعوبة في إتمام فكرة واحدة.
خاتمة: الجدل مستمر
بينما تؤكد التقارير الطبية الرسمية أن ترامب بكامل لياقته الذهنية، تتراكم الأمثلة على سلوكيات وتصريحات تثير القلق بشأن قدرته على أداء مهامه بفاعلية. ومع استمرار ولايته الثانية، يبدو أن معركة تقييم صحة الرئيس العقلية ستظل نقطة اشتباك رئيسية بين مؤيديه وخصومه.



