عربي وعالمي

نجاح طائرة V-BAT 5.3: تحوّل نوعي في قدرات خفر السواحل الأمريكي

تطور هائل فى مجال الأنظمة الجوية

خطوة جديدة تعكس تسارع وتيرة الابتكار في مجال الأنظمة الجوية غير المأهولة، أعلنت شركة “شيلد إيه آي” Shield AI، الرائدة في تقنيات الدفاع والأنظمة الذاتية، عن اجتياز طائرتها المتطورة VBAT 5.3 لاختبارات التقييم التشغيلي مع خفر السواحل الأمريكي، وهو ما يمهد الطريق لنشر واسع النطاق لهذا النظام الجوي الثوري ضمن أسطول العمليات البحرية الأمريكية.

 

خلال أربعة أيام من الاختبارات الصارمة على متن السفينة الأمريكية “كتر ميجيت“، أثبتت V-BAT 5.3 كفاءتها بتحقيقها نسبة 100% في جميع معايير الأداء الرئيسية والسمات النظامية الأساسية، لتؤكد بذلك جاهزيتها التشغيلية في بيئات بحرية عالية التعقيد.

 

من النموذج إلى الجاهزية التشغيلية الكاملة

النجاح اللافت في اختبارات التقييم العملياتي (Operational Test & Evaluation – OT&E) يمثل نقطة تحوّل حاسمة ليس فقط في مسيرة تطوير V-BAT، بل في مستقبل المهام الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع (ISR) لخفر السواحل. هذا الإنجاز يأتي ضمن السياق التنفيذي لعقد ضخم تبلغ قيمته 198 مليون دولار أمريكي بنظام التوصيل غير المحدود والكمية غير المحددة (IDIQ)، كانت “شيلد إيه آي” قد حصلت عليه في يونيو 2024.

 

بموجب هذا العقد، ستتوسع عمليات نشر V-BAT بشكل متسارع لدعم متطلبات خفر السواحل الأمريكي ضمن برنامج “تصميم القوة 2028” Force Design 2028، وهو الإطار الاستراتيجي الذي يهدف إلى تحديث المنظومة التشغيلية والتكتيكية للمؤسسة البحرية في مواجهة التهديدات الجديدة والمتغيرة.

 

شهادة نجاح في السماء… من قلب المحيط

الاختبارات التي أُجريت على متن Cutter Midgett، وهي إحدى سفن خفر السواحل الحديثة، لم تكن مجرد اختبارات أداء روتينية، بل محاكاة حقيقية لسيناريوهات بحرية حساسة تتطلب مرونة تكتيكية عالية واستجابة سريعة في بيئات معقدة ومفتوحة.

 

V-BAT 5.3 أظهرت قدرة لافتة على الإقلاع والهبوط العمودي (VTOL)، ما يعني أنها لا تحتاج إلى مدارج تقليدية، وهو عنصر حاسم في عمليات الإطلاق من السفن أو من قواعد أمامية محدودة المساحة، ما يمنحها أفضلية تشغيلية كبيرة مقارنة بأنظمة مماثلة.

 

بالإضافة إلى ذلك، أثبتت الطائرة قدرتها على تنفيذ مهام استطلاع طويلة المدى بفضل محركها الفعال ومدى طيرانها المرتفع، فضلاً عن نظام التحكم الذاتي الذي يقلل الحاجة إلى التدخل البشري، ويمنح المشغلين قدرة غير مسبوقة على المراقبة والاستخبار دون تعريض أفراد الطاقم لأي مخاطر ميدانية.

 

قوة دفع جديدة نحو التحول الذكي في العمليات البحرية

في تصريحات لافتة عقب إعلان نتائج الاختبار، قال براندون تسينغ، الرئيس المشارك لشركة Shield AI وأحد قدامى عناصر القوات الخاصة في البحرية الأمريكية (Navy SEAL):

“نجاح V-BAT ضمن هذا التقييم ليس سوى البداية… نحن نرى بوضوح كيف تسهم الأنظمة غير المأهولة في إعادة رسم العمليات البحرية، وقد أصبح من الضروري توسيع نطاق استخدامها اليومي لتحقيق نتائج عملياتية على مستوى غير مسبوق.”

 

كلمات تسينغ تعكس إدراكًا عميقًا للتغير الجذري الذي يشهده قطاع الدفاع البحري، حيث لم تعد أنظمة القتال والمراقبة التقليدية وحدها كافية لمواكبة التحديات، بل باتت الأنظمة المستقلة والذكية تمثل العمود الفقري لأية استراتيجية فعالة في البيئة البحرية المستقبلية.

 

ماالذي يجعلV-BAT 5.3 مختلفة؟ 

 

طائرة V-BAT ليست مجرد طائرة بدون طيار، بل منصة عملياتية شاملة يمكن الاعتماد عليها في الظروف القصوى. ومن أبرز خصائصها:

 

التحليق العمودي والإقلاع من دون مدرج: مما يجعلها مثالية للإقلاع من السفن والزوارق وقواعد مؤقتة.

 

نطاق طيران واسع وقدرة تحمّل عالية: يسمح لها بالبقاء في الجو لساعات طويلة، ما يجعلها مثالية لمهام الاستطلاع على الحدود البحرية أو في أعالي البحار.

نظام تحكم ذاتي متكامل: يمكّنها من تنفيذ المهام دون الحاجة لتدخل بشري مباشر، ما يقلل المخاطر ويزيد الدقة.

سهولة النقل والنشر: بفضل حجمها المدمج، يمكن نقلها وتشغيلها من قبل فرق صغيرة وفي مواقع نائية.

مرونة تكاملية مع أنظمة ISR الأخرى: تجعلها عنصرًا تكميليًا في منظومة استخباراتية أشمل ضمن العمليات المشتركة.

 

الأهمية الاستراتيجية للبحرية الأمريكية

نجاح V-BAT لا يخص خفر السواحل فحسب، بل يمتد تأثيره إلى باقي أذرع البحرية الأمريكية، بل وحتى إلى حلفاء واشنطن حول العالم. ففي عصر تتعاظم فيه التهديدات البحرية من القرصنة إلى تهريب البشر والمخدرات، إلى التهديدات الأمنية السيبرانية المتصلة بأنظمة المراقبة، فإن طائرات بدون طيار عالية الدقة والمرونة مثل V-BAT باتت عنصرًا لا غنى عنه في تأمين السواحل والمياه الإقليمية والدولية.

 

علاوة على ذلك، فإن دمج طائرات V-BAT في إطار Force Design 2028 يعزز قدرة خفر السواحل على مواكبة طبيعة الصراعات غير التقليدية، والتي تتطلب أدوات استشعار دقيقة وقدرة على اتخاذ القرار الفوري دون الحاجة لوسائط تقليدية بطيئة أو ثقيلة.

 

كلمة أخيرة: مستقبل الأمن البحري أصبح الآن

يبدو أن إعلان Shield AI عن اجتياز طائرتها V-BAT 5.3 لاختبارات التشغيل بنجاح ليس مجرد خبر تقني، بل عنوان مرحلة جديدة من التحول الرقمي الذكي في عمليات الدفاع البحري الأمريكي. وبينما تستعد الولايات المتحدة لتوسيع نطاق نشر هذه الطائرة عبر عقد بقيمة تقارب 200 مليون دولار، فإن الأثر الحقيقي لهذا النظام لن يُقاس فقط بعدد الرحلات، بل بمدى القدرة التي سيمنحها لمشغليه على فهم ورصد التهديدات في عرض البحر — في الوقت الحقيقي، وبدقة لا تتيحها الأنظمة التقليدية.

وبينما تتطلع الجيوش حول العالم إلى تحديث أساطيلها، قد تكون V-BAT 5.3 بمثابة النموذج الذي ستقيس عليه الدول جاهزيتها للدخول في حقبة “الحرب الذكية” — تلك التي لا يُقاس فيها النجاح بعدد الطلقات، بل بسرعة البيانات ودقة القرار.

إقرأ ايضَا…

بولندا تتخلى عن حلمها المدرع: لماذا فضّلت وارسو الدبابة الكورية على تطوير دبابتها الوطنية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى