الوكالات

نيودلهي ترد على واشنطن: استيراد النفط الروسي قرار سيادي لا يستوجب العقاب

في ظل تصاعد التوترات بين نيودلهي وواشنطن بشأن واردات الطاقة، أعربت وزارة الخارجية الهندية عن استيائها من الانتقادات الأمريكية والأوروبية الموجهة للهند بسبب استمرارها في استيراد النفط من روسيا، معتبرة هذه الانتقادات غير مبررة ومخالفة لما كان عليه الموقف الغربي سابقًا. المتحدث الرسمي باسم الوزارة، راندهير جايسوال، أكد أن الهند اتخذت هذا المسار في إطار تعويض النقص الحاصل في الإمدادات، بعد أن قامت الدول الأوروبية بتحويل وجهتها نحو مصادر الطاقة التقليدية عقب اندلاع الأزمة الأوكرانية.

تغيّر المواقف الغربية: من التشجيع إلى العقوبات

وفقًا لتصريحات جايسوال، فإن الولايات المتحدة نفسها كانت قد شجعت الهند على استيراد النفط الروسي في بدايات الصراع الأوكراني، بهدف الحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية. واليوم، وبعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الأزمة، تتعرض نيودلهي لحملة انتقادات وتهديدات بفرض رسوم جمركية مشددة، وهو ما يراه المسؤولون الهنود تناقضًا صارخًا في المواقف الغربية، يُلقي بظلاله على ثقة الهند في شراكاتها الاستراتيجية التقليدية.

تصعيد من ترامب: تهديدات مباشرة بزيادة الرسوم

وجاءت التصريحات الهندية ردًا مباشرًا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي صرح عبر منصة “تروث سوشيال” بأنه سيقوم بزيادة الرسوم الجمركية بشكل كبير على الهند، بسبب ما اعتبره “إعادة بيعها للنفط الروسي بأسعار مربحة”. ويبدو أن هذا الإعلان يحمل في طياته بعدًا سياسيًا يرتبط بالسياق الانتخابي الداخلي في الولايات المتحدة، لكنه من وجهة نظر الهند، يمسّ بعلاقات التعاون القائمة بين الطرفين.

مصالح الطاقة الهندية: الاستقرار أولًا

من وجهة النظر الهندية، فإن القرارات المتعلقة باستيراد النفط تخضع لحسابات دقيقة تتعلق بأمن الطاقة الوطني. فالهند، بصفتها ثالث أكبر مستهلك للطاقة في العالم، لا يمكنها تحمل تقلبات الأسواق العالمية دون تأمين مصادر بديلة. وبحسب جايسوال، فإن التوجه نحو روسيا لم يكن خيارًا سياسيًا بقدر ما كان ضرورة اقتصادية فرضتها المتغيرات في خارطة الإمدادات العالمية. وأضاف أن تحميل الهند مسؤولية التوترات السياسية في أوروبا أو استخدام النفط كأداة للمساومة السياسية هو أمر مرفوض.

شراكة أم ضغوط؟ اختبارات العلاقة الهندية الأمريكية

ما يحدث اليوم يمثل اختبارًا جديدًا للعلاقات الهندية الأمريكية، التي شهدت نموًا متسارعًا خلال العقدين الماضيين في مجالات الأمن والدفاع والتكنولوجيا. ولكن عندما تتحول أدوات الشراكة إلى أدوات ضغط، كما هو الحال في ملف النفط الروسي، فإن ذلك يثير تساؤلات هندية داخلية حول مدى توازن هذه العلاقة وجدواها على المدى البعيد.

نحو سياسة طاقة أكثر استقلالية

الملف يعيد إلى الواجهة المساعي الهندية لتوسيع قاعدة الشراكات في مجال الطاقة بعيدًا عن الاصطفاف الجيوسياسي. وقد تكون هذه الحادثة دافعًا إضافيًا لتعزيز علاقات نيودلهي مع قوى مثل روسيا، ودول الخليج، وإيران، وحتى أمريكا اللاتينية، في محاولة لبناء سياسة طاقة أكثر استقلالية، لا تخضع لتقلبات المواقف الغربية.

اقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي: خلافات حادة بين نتنياهو وزامير تصل إلى ذروتها

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى