الشراكة العسكرية بين الهند والفلبين…إعادة تعريف أمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ

في أغسطس 2025، مثّلت الشراكة الاستراتيجية المُعلنة بين الهند والفلبين تحوّلاً هاماً في ديناميكيات الأمن في المنطقة. ويأتي هذا التعاون الجديد، الذي ترسّخ خلال زيارة الرئيس فرديناند ماركوس الابن للهند، في وقتٍ تواجه فيه الدولتان تحديات أمنية مشتركة، لا سيما في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

إعادة التوازن الجيوسياسي والمخاوف الاستراتيجية المشتركة

أعادت الفلبين، التي لطالما كانت بعيدة عن الهند، تقييم تحالفاتها في أعقاب تصاعد التوترات مع الصين بشأن النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي. وبينما حصلت الفلبين على حكم تحكيمي عام 2016 ضد مطالبات الصين في المنطقة، اختارت الإدارات السابقة موقفاً أكثر مرونة تجاه بكين. إلا أن الرئيس ماركوس عكس هذا النهج، واتخذ موقفاً حازماً ضد الأنشطة البحرية الصينية الجريئة. يتماشى هذا التحول بشكل وثيق مع موقف الهند المتطور، حيث يتشاطر البلدان الآن قلقًا مشتركًا بشأن حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي وأمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ على نطاق أوسع.

دور الهند الدفاعي وصفقة براهموس

يُعد التعاون الدفاعي المتنامي، لا سيما من خلال بيع نظام براهموس الصاروخي الهندي إلى الفلبين، عنصرًا أساسيًا في الشراكة بين الهند والفلبين. أصبح صاروخ براهموس، وهو صاروخ كروز أسرع من الصوت، حجر الزاوية في استراتيجية الدفاع الفلبينية، متجاوزًا الاهتمام السابق من قوى إقليمية أخرى مثل فيتنام وإندونيسيا. ويمثل نشر النظام تطورًا رئيسيًا في قدرات الدفاع البحري للفلبين، وقد توسعت علاقة البلاد الاستراتيجية مع الهند إلى ما هو أبعد من التعاون الأمني التقليدي.

تعزيز تحالفات المحيطين الهندي والهادئ

أصبحت الفلبين، التي تدرك تمامًا الآن إطار عمل المحيطين الهندي والهادئ، تُعطي الأولوية للتعاون الدفاعي مع دول مثل الهند. في إطار هذا التعاون، عزز الجيش الفلبيني تعاونه مع قوات الدفاع الهندية، متمثلاً في التدريبات البحرية المشتركة والزيارات المنتظمة من سفن البحرية وخفر السواحل الهندية. تُعد هذه الشراكة حيوية في ظل سعي الفلبين إلى تعزيز قدراتها الدفاعية في ظل تنامي النفوذ الصيني في المنطقة.

كما تخطط الهند والفلبين لتعزيز الأمن البحري من خلال تدريبات مشتركة مثل التدريب البحري بين رابطة دول جنوب شرق آسيا (AIME). وقد أبرز التدريب الافتتاحي في مايو 2023 التوافق التشغيلي المتنامي بين القوات البحرية الهندية وقوات رابطة دول جنوب شرق آسيا، وقد تُجرى التدريبات المستقبلية بالقرب من المياه الفلبينية. تُعد هذه المبادرات بالغة الأهمية في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وضمان منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة.

توسيع التعاون في تكنولوجيا البحرية والدفاع

تؤكد الشراكة الاستراتيجية الجديدة أيضًا على الجهود التعاونية في مجال الوعي بالمجال البحري، وبناء السفن، والتطوير المشترك للمعدات الدفاعية. وسيتم تعزيز ذلك من خلال إنشاء لجان دفاع مشتركة وحوارات سنوية حول الأمن البحري. بالإضافة إلى ذلك، يلتزم البلدان بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب، من خلال تبادل المعلومات بشكل متكرر وبرامج التدريب العسكري المشتركة في جميع المجالات.

التعاون الفضائي والمساعدة القانونية المتبادلة

تتجاوز الشراكة الدفاع إلى التعاون الفضائي والقانوني. وقد اتفقت الهند والفلبين على معاهدة للمساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجنائية، ويستكشف البلدان سبل التعاون في مجال أبحاث الفضاء، كما يتضح من بيان النوايا الأخير بين وكالتي الفضاء التابعتين لهما. علاوة على ذلك، أبدت الفلبين اهتمامها بالانضمام إلى مركز دمج المعلومات لمنطقة المحيط الهندي (IFC-IOR) الذي تقوده الهند، مما يعزز قدراتهما المشتركة في مجال المراقبة البحرية.

التطلع إلى المستقبل: مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي

مع المخاوف المشتركة بشأن الأمن الإقليمي، وتاريخ من التعاون الدفاعي الناجح، والالتزام بدعم نظام دولي قائم على القواعد، تدخل الشراكة الهندية الفلبينية مرحلة جديدة وأكثر طموحًا. ويبشر هذا التعاون المعزز بدور حاسم في تطوير البنية الأمنية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، مما يعزز التوافق الاستراتيجي بين البلدين وشركائهما الإقليميين.

لا تقتصر هذه الشراكة على مواجهة التهديدات المباشرة فحسب، بل تشمل أيضًا الاستعداد لمستقبل تتشارك فيه الهند والفلبين، بمصالح مشتركة، دورًا محوريًا في ضمان السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

إقرأ ايضًا…

اعلنت روسيا عن خسائر فادحة لاوكرانيا فى منطقة العمليه العسكرية