الاوركا… الحوت الذكي الذي ظلمته الشائعات
ذكاء الحوت الأوركا يتجاوز القردة ويتحدى القرش الأبيض

في الساعات الأخيرة، اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي موجة من الجدل بعد تداول فيديو يزعم أن حوت الأوركا، المعروف إعلامياً باسم “الحوت القاتل”، هاجم مدربته “جيسيكا رادكليف” وأودى بحياتها أثناء عرض مائي. المقطع انتشر كالنار في الهشيم وجذب ملايين المشاهدات، ليصبح أحد أكثر المواضيع تداولاً عالمياً. إلا أن الحقيقة سرعان ما انكشفت، حيث أكد خبراء أن الفيديو مفبرك بالكامل باستخدام برامج ذكاء اصطناعي متطورة، وأنه لا يوجد أي سجل أو وجود حقيقي لمدربة أوركا بهذا الاسم في أي مكان بالعالم. كما لم تنشر أي صحيفة أو قناة إخبارية موثوقة هذا الخبر، ما يؤكد أن مصدره الوحيد كان مقطعاً ترفيهياً على منصة تيك توك
الأوركا ليس عدوانياً تجاه البشر
رغم لقبه المخيف، فإن الأوركا ليس عدوانياً بطبيعته تجاه البشر، بل العكس، إذ توجد حالات موثقة ساعد فيها غواصين أو سباحين في مواقف خطرة. التسمية الشهيرة “الحوت القاتل” جاءت من تحريف لعبارة “قاتل الحيتان”، لأن هذا المخلوق قادر على صيد الحيتان الكبيرة بمهارة. يمتلك الأوركا عقلاً استثنائياً يزن حوالي 7 كيلوجرامات، يحتوي على تعاريج معقدة خاصة بالذاكرة والتحليل والتخطيط، وهو ما يجعله أذكى من الكلاب وحتى من القردة العليا مثل الشمبانزي والأورانجوتان، ويعادل مستوى ذكاء شاب في سن السادسة عشرة
قدرات صيد مذهلة وخطط جماعية معقدة
الأوركا يعد قمة الهرم الغذائي في المحيطات، ولا يواجه منافسين حقيقيين في بيئته، حتى أسماك القرش البيضاء العملاقة لا تصمد أمامه. تم رصده وهو يهاجم القروش بضربة دقيقة في منطقة المخ أو الكبد، لينهي المعركة بسرعة مذهلة. ما يميز الأوركا ليس قوته وسرعته فحسب، بل قدرته على الصيد المنظم، حيث يتعاون مع أفراد عشيرته في تكتيكات ذكية تشمل محاصرة الفريسة أو تعطيل حركتها قبل الانقضاض عليها، بل ويستخدم الأمواج التي يصنعها بذيله لإسقاط فريسته من فوق الجليد أو الصخور
لغة خاصة ومشاعر معقدة تشبه البشر
للأوركا لغة خاصة تقترب في تعقيدها من لغات البشر، تتكون من أصوات وصفير ونغمات متعددة. يستطيع تعلم كلمات بشرية وترديدها في المواقف المناسبة، كما أن لكل فرد من أفراد العشيرة اسم محدد يتعرف به الآخرون عليه. مشاعر الأوركا واسعة ومتنوعة، حيث أظهرت الدراسات أنه يعبر عن الحب والحزن والمرح والانتقام وحتى الحنين. تم رصد طقوس جنائزية حزينة لأم فقدت صغيرها، حيث ظلت تحمله وتدفعه إلى السطح لمحاولة إنعاشه لمدة 17 يوماً قبل أن تستسلم
ذكاء يظهر في اللعب والخدع
الأوركا يتمتع بروح دعابة لافتة، إذ يقوم بحيل على البشر والحيوانات الأخرى، مثل التظاهر بأنه جرف إلى الشاطئ ليبقى بلا حراك حتى يقترب منه الناس، ثم يفاجئهم برش الماء عليهم والعودة إلى البحر، وأحياناً يضع أجساماً فوق رأسه كقبعات من بقايا صيده. كما يستجيب للموسيقى التي يعزفها البشر ويظهر تفاعلاً معها، وله ألحان خاصة يصدرها بنفسه. بل إنه يستخدم أدوات مثل شباك الصيد الغارقة لنصب كمائن للفريسة
الأسر يغيّر طبيعته وسلوكه
في المحيطات، الهجمات على البشر نادرة جداً وغالباً تكون عن طريق الخطأ، لكن في الأسر يختلف الوضع، إذ قد يؤدي الحبس لفترات طويلة إلى ظهور سلوكيات عدوانية أو اكتئابية، خاصة مع أسلوب التدريب القائم على التجويع للحصول على الأداء المطلوب. بعض الحوادث وقعت بدافع اللعب المفرط، حيث يسحب الأوركا المدرب إلى الأعماق دون نية للقتل، بينما في حالات أخرى يكون الأمر بدافع الغضب أو الرفض. وقد وثقت مواقف إنسانية أيضاً، مثل حمل مدرب مصاب برفق لتجنب إيذاء ضلوعه المكسورة
الدعوة لتحرير الحيتان من الأسر
كلما وقعت حادثة تتعلق بالأوركا في الأسر، تتجدد حملات النشطاء وخبراء البيئة المطالبة بإطلاق سراح هذه الكائنات إلى بيئتها الطبيعية. فالأوركا في المحيط يعيش حياة اجتماعية معقدة، ويتنقل لمسافات طويلة، ويتعاون مع أفراد عشيرته في الصيد والتواصل، بينما الأسر يحرمها من هذه الحياة، ويؤثر على صحتها الجسدية والنفسية. كما أظهرت الحيتان التي تم إطلاقها بعد سنوات من الحبس علامات فرح واضحة، بل وبكت أثناء خروجها إلى البحر المفتوح