قمة باريس: “تحالف الراغبين” يضع اللمسات الأخيرة على ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا
ماكرون يقود المشاورات وزيلينسكي يتلقى دعمًا متجددًا في مواجهة موسكو

شهد قصر الإليزيه في باريس انعقاد قمة موسعة لتحالف “الراغبين” بمشاركة قادة أوروبيين وأوكرانيين إلى جانب ممثلين عن الولايات المتحدة وكندا، في مسعى لإقرار ضمانات أمنية “قوية وملزمة” لدعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية المستمرة. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون افتتح الجلسة بتأكيد أن الهدف هو “تثبيت ما أنجز خلال الأسابيع الماضية” وتحويله إلى التزامات عملية، فيما أبدى الحلفاء الأوروبيون إجماعًا على ضرورة رفع مستوى التنسيق والضغط على موسكو.
تحالف يتسع بدعم أمريكي مباشر
القمة، التي ضمّت قادة حاضرين وآخرين عبر الاتصال المرئي، ناقشت تفاصيل صياغة آلية الضمانات الأمنية التي ستمنح لأوكرانيا، بما في ذلك إمكانية نشر قوات متعددة الجنسيات أو دعم قوات حفظ السلام في حال تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار. ومن المقرر أن يتواصل القادة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاحقًا، حيث يُنظر إلى دعمه المباشر باعتباره عنصرًا حاسمًا في نجاح أي تفاهمات أمنية.
بريطانيا: بوتين لا يُوثق به
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي شارك عبر الفيديو، شدد على أن “بوتين لا يمكن الوثوق به”، مستشهدًا بالهجمات العشوائية الأخيرة على كييف، التي طالت مقار البعثات الأوروبية. ستارمر أكد أن التحالف يملك “تعهدًا غير قابل للكسر تجاه أوكرانيا”، معلنًا أن بعض الدول الأعضاء ستزود كييف بصواريخ بعيدة المدى لتعزيز قدراتها الدفاعية.
الناتو: لا مجال للسذاجة أمام روسيا
الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، حذر من التعامل “بسذاجة” مع موسكو، مؤكدًا أن روسيا تمثل تهديدًا طويل الأمد، وليس أزمة ظرفية. وأوضح أن المرحلة المقبلة تتطلب صياغة ضمانات أمنية واضحة لأوكرانيا “بدعم من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، بما يضمن أن يشعر الرئيس الأوكراني بأن لديه الغطاء الكامل عند انطلاق أي مفاوضات”.
مواقف أوروبية متنوعة لكن متفقة على الجوهر
أيرلندا: رئيس الوزراء ميشيل مارتن أعلن استعداد بلاده للمشاركة في “قوة ضمان” أو مهمة حفظ سلام مرخّصة لمراقبة أي اتفاق وقف إطلاق نار.
رومانيا: الرئيس نيكشور دان أكد أن “الضغط المستمر على روسيا ضرورة”، مشيدًا بمشاركة ممثلين أمريكيين في القمة.
لاتفيا: رئيسة الوزراء إفيكا سيليِنا رأت أن “روسيا لا تريد السلام”، داعية إلى توحيد الجهود لردعها.
كرواتيا: أندريه بلينكوفيتش شدد على مواصلة تقديم “مساعدة شاملة لأوكرانيا” ودعم مساعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
إستونيا: كريستن ميشال قال إن “ضمانات الأمن يجب أن يحددها مقدّموها وطالبوها، وليس روسيا”.
إسبانيا: بيدرو سانشيز، الذي تعذر حضوره بسبب عطل بطائرته، دعا إلى تعزيز “الوحدة عبر الأطلسي” ورفض أي تنازل أمام “العدوان الروسي”.
ليتوانيا: الرئيس غيتاناس ناوسيدا حذر من تكرار “أخطاء مذكرة بودابست”، مؤكدًا أن الضمانات يجب أن توفر ردعًا حقيقيًا.
ماكرون: ختام الجلسة مع زيلينسكي وترامب
الرئيس ماكرون، الذي استقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحرارة في الإليزيه، شدد على أن القمة تهدف إلى وضع الصيغة النهائية للالتزامات الأمنية “المتينة”، قبل إطلاع الإعلام على مخرجات الجلسة عقب المحادثات مع ترامب. أجواء القمة عكست توافقًا أوروبيًا غير مسبوق، حيث أعلن رئيس وزراء التشيك بيتر فيالا وجود “إجماع كامل” داخل التحالف بشأن دعم أوكرانيا.
دلالات القمة: نحو مرحلة جديدة من المواجهة
المؤشرات الصادرة عن باريس تؤكد أن التحالف الدولي يسعى لتجاوز الدعم العسكري التقليدي، عبر صياغة ترتيبات أمنية طويلة الأمد تعزز قدرة أوكرانيا على الصمود، وتعيد رسم توازنات الردع مع روسيا. وبحسب الخبراء، فإن القمة تمثل اختبارًا لمدى جدية الغرب في ترجمة التزاماته من بيانات تضامنية إلى ضمانات مؤسسية، قد تشمل وجودًا عسكريًا دائمًا أو ترتيبات أمنية مشتركة.