يشهد السودان موجة تفشٍ مقلقة لحمى الضنك، حيث سجلت العاصمة الخرطوم وحدها 890 إصابة مؤكدة، ما أدى إلى وفاة 187 شخصاً، من بينهم نساء حوامل وأطفال. ويأتي هذا الارتفاع المأساوي في الإصابات في ظل بيئة صحية متدهورة، مع استمرار انقطاع الكهرباء، وتراجع خدمات مياه الشرب، وانتشار البعوض والذباب في الأحياء والمنازل.

وتثير هذه الأرقام مخاوف جدية بشأن قدرة النظام الصحي السوداني على التعامل مع مثل هذه الأزمات، في وقت تعاني فيه البلاد من أوضاع إنسانية واقتصادية بالغة التعقيد.

انهيار بيئي يساهم في تفشي الأمراض

يعد الانتشار الكثيف للبعوض الناقل للعدوى أحد الأسباب المباشرة في تفاقم الوضع الوبائي، إلى جانب تراكم النفايات، وركود المياه في عدد من المناطق السكنية. وتفاقمت الأوضاع بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، ما أدى إلى تعطل أنظمة التبريد ووسائل الوقاية الأساسية، مما جعل البيئة مناسبة لتكاثر البعوض وانتقال العدوى بسرعة.

ويعاني السكان أيضاً من نقص حاد في مياه الشرب، مما يدفع العديد منهم إلى تخزين المياه في أوانٍ مكشوفة وغير صحية، وهو ما يعزز فرص تكاثر الحشرات الناقلة للفيروس.

وزارة الصحة تطلق خطة طوارئ

في محاولة لمواجهة الأزمة المتفاقمة، أعلنت وزارة الصحة بولاية الخرطوم عن إطلاق خطة طوارئ لمكافحة البعوض والحد من انتشار حمى الضنك. وشملت الخطة عدة محاور رئيسية، من بينها:

حملات تفتيش منزلية واسعة لرصد أوعية المياه المكشوفة ومصادر تكاثر البعوض.

تجفيف الأواني والخزانات المكشوفة، وتوعية السكان بمخاطر الإهمال المنزلي في هذه الظروف.

رش أرضي وجوي وضبابي باستخدام الميدات، مع التركيز على المناطق الموبوءة.

تحذيرات قانونية صارمة ضد المخالفين الذين يساهمون في تفاقم الوضع، سواء عن طريق تخزين المياه بشكل خاطئ أو عدم الالتزام بإرشادات النظافة العامة.

وأكدت الوزارة أنها ستواصل مراقبة الأوضاع ميدانياً، بالتعاون مع لجان الأحياء والسلطات المحلية، لحصر الإصابات والتدخل الفوري في المناطق الحرجة.

قلق شعبي ودعوات لتدخل دولي

في المقابل، عبّر عدد من المواطنين والناشطين في منظمات المجتمع المدني عن قلقهم البالغ من انتشار المرض، وسط ضعف الإمكانات الطبية ونقص الكوادر المؤهلة. كما دعا البعض إلى تدخل دولي عاجل من قبل منظمة الصحة العالمية والجهات الإنسانية لتقديم الدعم الفني واللوجستي، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها.

وأشار متابعون إلى أن الافتقار لبرامج توعوية منتظمة في وسائل الإعلام والبيئة التعليمية ساهم في تفشي العدوى، مطالبين بضرورة إطلاق حملات إعلامية مكثفة لرفع الوعي المجتمعي

أزمة صحية تكشف عمق التحديات

تكشف أزمة حمى الضنك الحالية في السودان عن هشاشة النظام الصحي والبيئي في البلاد، وتعكس تأثير الصراعات والنزوح وسوء الإدارة على قدرة الدولة في حماية صحة المواطنين. ومع استمرار تفاقم الأوضاع، يبدو أن السودان مقبل على تحديات صحية أكبر ما لم يتم تدارك الأمر بخطط شاملة، ودعم وطني ودولي منسق.

اقرأ أيضاً:

قمة أوروبية في فرنسا لبحث إرسال قوات إلى أوكرانيا وسط تكتم على التفاصيل