روسيا تتهم فنلندا بالتحضير للحرب على خلفية توسع الناتو

أثارت تصريحات دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس الروسي السابق، جدلًا واسعًا بعد أن اتهم فنلندا بالتحضير لاستخدام أراضيها كنقطة انطلاق محتملة للهجوم على روسيا. وأكد ميدفيديف أن الانضمام الأخير لفنلندا إلى حلف الناتو وتعزيز التعاون الدفاعي مع الحلف يشير إلى توجه نحو التصعيد العسكري، وقال إن فنلندا “اتخذت مسارًا نحو التحضير للحرب”، مضيفًا أن البلاد “على الأرجح تعد منصة لشن هجوم على بلادنا”.
وأوضح ميدفيديف أن الناتو “منخرط بالكامل في هذه الجهود ويعمل بشكل نشط عبر جميع المجالات العملياتية الخمسة في فنلندا: البر والبحر والجو والفضاء والأمن السيبراني”، مشيرًا إلى البنية التحتية المتزايدة للحلف في شمال فنلندا ووجود عناصر قيادية عسكرية كدليل على التخطيط طويل الأمد الموجه ضد روسيا.ومن بين الأمثلة التي أشار إليها، إنشاء مقر قيادة على مستوى فيلق بري في مدينة ميكيلي الفنلندية، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة متقدمة في إيفالو على بعد نحو 40 كيلومترًا من الحدود الروسية. وقال ميدفيديف: “ظهرت ثكنات جديدة”، مؤكدًا أن أي توضيح بشأن الهدف المحتمل لهذه القوات “غير ضروري”.
ردود الفعل الواقعية على الأرض
على الرغم من تصريحات ميدفيديف التي تعكس قلق روسيا من الموقف الدفاعي للناتو في المنطقة الشمالية، تظهر صور الأقمار الصناعية وتحليلات الإعلام الفنلندي صورة مختلفة، تشير إلى أن روسيا تقوم بنفسها بتعزيز مواقعها العسكرية على حدود فنلندا.وفقًا لما أوردته هيئة الإذاعة الفنلندية Yle، تُظهر الصور الفضائية أعمال بناء موسعة في ثكنة لوبيتش-سافينو في منطقة مورمانسك الروسية، بالقرب من الحدود الفنلندية. كانت هذه الثكنة تُستخدم سابقًا كمخزن، لكنها تُحوَّل الآن إلى منشأة عسكرية كاملة.
تشمل أعمال البناء الروسية إقامة مساكن ومنشآت جديدة لفرقة مدفعية ووحدات هندسية، فيما أكدت إدارة مورمانسك الإقليمية إنشاء مدينة عسكرية جديدة لدعم الانتشار العسكري. ويُعد هذا التوسع الأول الملحوظ للبنية التحتية العسكرية الروسية مباشرةً على الحدود الفنلندية منذ انضمام فنلندا إلى الناتو، ما يشير إلى أن روسيا ترد على التغيرات الدفاعية في المنطقة من خلال تعزيز موقفها العسكري.كما كشفت صور الأقمار الصناعية عن نشاط متزايد في مواقع عسكرية روسية أخرى على مضيق كارليا ومدينة بيتروزافودسك في جمهورية كاريليا، حيث ظهرت معدات جديدة في ثكنة سابيرنوي، وتم تعزيز المواقع الدفاعية حول المدينة.
التقديرات العسكرية
وفقًا لمحلل الصور العسكرية ماركو إكلوند، ستستضيف قاعدة لوبيتش-سافينو نحو 2000 عنصر، ويقدر أن روسيا بصدد إنشاء الفيلق 44 الجديد في جمهورية كاريليا ضمن خطة طويلة الأمد لتعزيز القوات قرب الحدود الفنلندية. ويتوقع إكلوند أن يصل إجمالي قوة القوات الروسية في منطقة لينينغراد العسكرية إلى نحو 100 ألف جندي، مقارنة بتقديرات 30 ألفًا قبل الغزو الكامل لأوكرانيا.
بينما يصور ميدفيديف انضمام فنلندا إلى الناتو كمحفز للتصعيد، تشير الأدلة إلى أن روسيا بدأت بالفعل في تجهيز بنية تحتية عسكرية جديدة على الحدود منذ شتاء 2024، أي قبل التوجه الدفاعي الحالي لفنلندا بعدة أشهر.
الاستعدادات الروسية طويلة الأمد
تشير التقارير إلى أن القوات الروسية تتدرب على مقربة من الحدود باستخدام معدات قديمة، في حين تخضع المنشآت لتحديثات دائمة، مما يدل على أن الكرملين يعتبر المنطقة مجالًا عملياتيًا طويل الأمد. وتعكس هذه التحركات استعداد روسيا للتعامل مع السيناريوهات العسكرية المستقبلية في شمال أوروبا، مع الأخذ في الاعتبار تعزيز الناتو لموقعه في فنلندا.
يعكس هذا التقرير التوترات المتصاعدة في شمال أوروبا بين روسيا وفنلندا، ويبرز الاستراتيجية الروسية المتمثلة في تعزيز البنية التحتية العسكرية على حدودها، مقابل التوسع الدفاعي الفنلندي بدعم الناتو. كما يوضح أن التصعيد العسكري ليس مجرد حديث سياسي، بل يترافق مع تجهيزات فعلية على الأرض استعدادًا لأي مواجهة محتملة.